رأت صحيفة هآرتس الإسرائيلية أن إسرائيل في حاجة إلى رجل دولة وليس إلى ممثل كوميدي في إشارة إلى تصريحات وزير الخارجية أفيجدور ليبرمان التي هدد فيها سوريا مؤكدة أن الزعيم الذي تحتاجه إسرائيل هو الزعيم الذي بوسعه إفهام الإسرائيليين أن السلام مع سوريا لا يعني أكل الحمص في دمشق، وإنما هو مصلحة وجودية لإسرائيل، لا تقل أهمية عن عرقلة طموحات ايران النووية. ووصفت الصحيفة تهديدات وزير الخارجية الإسرائيلية لسوريا بأنها مجرد ثرثرة اعتاد عليها ليبرمان، وأن التصريحات التي صدرت في أعقاب ذلك من قبل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بأن إسرائيل تريد السلام مع سوريا تعتبر خدعة، وأن إسرائيل ليست مهتمة على الإطلاق بالسلام مع سوريا إذا كان الثمن الانسحاب من مرتفعات الجولان ، مؤكدة أن تل أبيب لا تشعر بحاجة ملحة للتفاوض مع سوريا الآن، لأن سوريا لا تشكل أي تهديد عسكري لإسرائيل ، ولأن موقعها الإقليمي لا يتيح لها حشد دعم عربي لشن حرب شاملة على إسرائيل. وأضافت الصحيفة أن سوريا نفسها ساهمت في بلورة هذه الحقيقة من خلال الحفاظ على الهدوء في المنطقة الحدودية عبر أكثر من ثلاثة عقود ، وأنه لا يوجد ثمة طريقة لإقناع إسرائيل ، التي لا تفهم إلا لغة الكاتيوشا وصواريخ القسام ، بأن سوريا تشكل تهديدًا على إسرائيل. واعتبرت الصحيفة أنه بالرغم من ذلك يعتبر السلام مع سوريا على درجة كبيرة من الأهمية لإسرائيل لأنه يعني إمكانية تغيير الوضع الاستراتيجي لإسرائيل في منطقة الشرق الأوسط وفي العالم باعتبار سوريا دولة مهمة في المحور الجديد الذي يجري تشكيله في المنطقة ويستمد قوته من التأثير الإيراني السياسي على باكستان وأفغانستان والعراق وكمية النفط الكبيرة في العراق والتأثير التركي على آسيا الوسطى وتحكمها في خط أنابيب الغاز الممتد من إيران إلى أوروبا، والنفوذ السوري الكبير على السياسة الفلسطينية وحزب الله وهو ما من شأنه أن يجعل من هذا المحور أكثر ثراءً وتأثيرًا في الحقبة المقبلة، لذا فإن حقبة هامة من المصالح هي الآن قيد التبلور ليس بالنسبة لإسرائيل فقط. واستطردت الصحيفة أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما أدرك أن سوريا ، بسلام أو بدون سلام مع إسرائيل، تعد دولة هامة لواشنطن للحفاظ على مكانتها في المنطقة وخارجها ، وهو ما تمثل في قرب إرسال سفير لها في دمشق فيما تتفاوض أوروبا مع سوريا ليس فقط اقتصاديًا ، وإنما كنقطة عبور إلى منطقة الشرق الأوسط ككل. وأشارت الصحيفة بهذا الصدد إلى رئيس الوزراء الإيطالي سيلفيو برلسكوني «صديقنا برلسكوني ينبغي أن يسأل حول رأيه في سوريا عندما يتعلق الأمر بحجم تجارة بلاده معها التي تبلغ نحو 2 مليار دولار ، بما يشكل حوالى 20% من إجمالى التجارة بين سورية وأوروبا». وأضافت الصحيفة بأن إسرائيل التي اعتادت النظر إلى المنطقة من خلال عدسة تحصي صواريخ حزب الله وبراميل المتفجرات التي ترسلها حماس إلى البحر ، والتي تعتبر أعداد السجناء في صفقة شاليط جوهر التهديد الأمني ، تتعامى عن التطورات الاستراتيجية التي تشهدها المنطقة ، وأن تعبير «نريد السلام» الخالي من المضمون لا يمكن إلا أن يعبر عن حماقة وقصر نظر إسرائيل.