كَتبتُ قبل أيَّام عن «سيرة الجَوَاز»، وقُلت مَا قُلت، ولكن كان «الكلام» أقل مِن الوَاقع، و«الموجود» أكثر مِن الصَّحيح والشَّائع!!! خُذ مثلاً، الصّورة التي تَتصدَّر الجَوَاز، تبدو دَائماً صورة إنسان مَفجوع «خَائف»، إنسان «مُقطَّب عَبوس قَمطَرير»، كأنَّه يَمصُّ «ليمونة»، مَقبوض «الأسارير وعابس الحواجب».. خَاصَّة إذا كان صَاحب الصّورة مِن أصحاب نظريّة «الاستشماغ»، أي لبس الشّماغ، أو نظريّة «الاستعمام»، وتَعني لبس العمامة!!! وفي صورة الجَوَاز، هناك مَقولة لن أنساها مَدى الحياة؛ لأحد الفلاسفة الإنجليز يقول فيها: (عندما تَبدو صورة وَجهك مثل صورتك في الجَوَاز، فهذا أحسن وقت تذهب فيه لبيتك)، وهو يقصد أنَّ وَجهك مَتى أشبه صورتك في الجَوَاز -تلك الصّورة العَابسة- فمِن الأفضل لك أن تَعود لبيتك، لأنَّ لا أحد يَرغب بك!!! وكما قُلت في مقالٍ سَابق، فإنَّ صورتي في الجَوَاز، تبدو كأنَّني رَجُلٌ خَائف «مَفجوع»، أُرعب الآخرين ومَرعوب مِنهم، وقد رأيتُ إحدى السيّدات الإنجليزيّات – اللاتي سَكنت عندهم– قد كبَّرت صورتي، ووَضَعَتْهَا في «صَالة مَنزلها»، فسألتُ عن السَّبب فقالت: لقد وَضَعْتها –هنا- حتَّى أُخوّف بها «البَعوض والحَشَرات الطَّائرة».. فقلتُ لها: لا تَخافي، فأنا صَديق الحيوانات، وصورتي ستَجْعَلهم يَتَكَاثَرون في مَنزلك! حسناً يا سيّدي القارئ، وسيّدتي القارئة، كُلّ هذا كَان مزاحاً.. أمَّا الكلام الجَاد والمُضحك، فقد كَتبه الصَّديق الصَّحفي «فائق المطيري»، حيثُ قَال في رسالة مُعبِّرة تَلقّيتها مِنه: (أخي أحمد.. شكراً عَلى هذا المَقال.. وأنا مُؤيّد لاقتراحك «المُفيد»، الذي طَرحته بأسلوبك «الفَصحوي»، «السَّاخِر الفَريد».. وَقَد سَبقنا إلى الصّورة «المَنزوعة العمامة» في الجَوَاز أولادنا -الجيل القادم- الذين نَجوا مِن «الاستشماغ» لصِغَر السِّن.. ومِن الغَرائب -أيضاً- أنَّ جَوازات سَفرنا قد تَحمل «صورنا»؛ بعمائم وبدونها في نَفس الوَقت، لأنَّ بعض التَّأشيرات الأجنبيّة تَشترط أن يَكون الرَّأس حَاسراً.. فنَظهر -لحُسن الحَظ- في الجَوَاز مَرَّة «بالبلدي»، ومَرَّة «بالأفرنجي»)!!! يا الله.. كم غَاب عَن ذهني كُلّ هذا، الذي تَفضَّل به «أبوسامي المطيري».. كيف غاب وأنا أحمل في جواز سفري صورتين، واحدة ل«السعوديّة» بالشّماغ، وأخرى ل»أوروبا» منزوعة الشّماغ والعقال؟!!! وقَد قَال لي أحد أصدقائي المَصريين الظُّرَفَاء: (يا أحمد.. لن تَستطيعوا التَّفكير بشكلٍ سَليم ومُستقيم حتَّى تَنزعوا الشّماغ، لأنَّه يُغطِّي الفِكر).. وقَد صَدَق.. لأنَّ أكثرنا عندما يُريد أن يُذاكر أي مَسألة، أو يَحل أي مُعضلة، يتّجه إلى فسخ الشِّماغ!!! أتمنَّى مِن إدارة الجَوَازات أن تُفكِّر بالأمر، إذ مِن غير اللائق مُطالبتنا بأن «نَتصوّر» بالزّي الرَّسمي، في حين أنَّ السِّفارات الأجنبيّة تُعطينا «فيزا» ونحنُ حَاسري الرّؤوس.. كما أنَّ الشّماغ قد يُستَغل في تَغيير المَلامح، كَما يَفعل ذَلك الإرهابيّون، عَليهم مِن الله مَا يَستحقُّون!.