تعيش بلادنا -بفضل الله- نهضة تعليمية غير مسبوقة، منذ تولّى الملك عبدالله بن عبدالعزيز مقاليد الحكم، بما يملكه من رؤية ثاقبة مستشرفة للمستقبل، يسابق الزمن بخطاه الثابتة، نفسه -حفظه الله- توّاقة برؤية بلاده وهي تسجل رقمًا مهمًّا في سجل التصنيفات العالمية. لقد شعر بقلبه الرؤوم أن نهضة البلاد لا تعتمد -بعد الله- إلاّ على سواعد أبنائها الشباب المخلصين. وزارة التعليم العالي أزعم أنها من أنشط الوزارات الحكومية الخدمية في بلادنا -حفظها الله-، فهي تعمل بصمت بعيدًا عن الأضواء، واستنطاق الإعلام، واستكتاب الكُتَّاب، رجالها المخلصون يتنافسون على الرفع من مستوى المؤسسة التعليمية في البلاد، بعيدون عن التنظير الذي سلكه الآخرون في بعض الوزارات الخدمية التي لا تزال تعيش عصر التقوقع، تخدّر المواطن بالتسويف والوعود المنمّقة، التي لا تُسمن ولا تغني من جوع، فأنت تسمع جعجعة ولا ترى طحنًا، ديدنها التصريحات وحب الأنا، ليس عليها رقيب، ولا حسيب، ولا متابع، فمَن أمن العقوبة أساء الأدب -كما يُقال- هذا هو حال البعض!! غير أن وزارة التعليم العالي تجسّد أقوالها وخططها بأفعال يلمسها المواطن، وهي محل تقدير وثناء الجميع، فبين غمضة عين وانتباهتها، انتشرت الجامعات في مناطق ومحافظات المملكة تسابق الزمن، حتى أضحت منارات تشع النور، وتحارب الجهل والظلام، وأصبح توطين التعليم العالي سمة من سمات هذه الوزارة برجالها المخلصين العاملين بصمت. ونحن في زمن برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث، واندفاع الشباب من الجنسين بشكل لافت لهذه البعثات في دول أجنبية لا تقيم وزنًا للأخلاق، شعارها الحرية غير المنضبطة، وإن كنا نسلّم لها تفوقها التقني والتكنولوجي والطبي، إلاَّ أن رأسمال المسلم هو الدِّين والأخلاق، وبلادنا -ولله الحمد والمنّة- تُعدُّ من أغنى بلاد العالم، وبمقدورها جلب أعرق جامعات العالم بما تملكه من إرادة، وقوة عزيمة، ووفرة مال؛ لتجعل أبناءنا وبناتنا ينخرطون فيها وهم بين أهليهم وذويهم، وفي مجتمعهم المحافظ، لا سيما الطالبات الصغيرات، فما المانع من دعوة أرقى وأعرق الجامعات العالمية لافتتاح فروع لها في مناطق المملكة الرئيسة؟ وفي ذلك تتحقق عدة مصالح من أهمها: توفير المال، بحيث يُنفق في الداخل بدلاً من الخارج، والحفاظ على الأبناء من الجنسين من الوقوع في المحاذير غير الخافية، لا سيما مَن هم صغار في السن، وقليلو الخبرة، وكذلك ضمان عدم عودتهم من بعثاتهم وأفكار البعض -لا سمح الله- ملوّثة، وإن كان ذلك غير مطّرد، وغير مقيّد، فبإمكان ذوي التوجّه للدراسات العليا في التخصصات النادرة والمهمة للوطن، تتاح فيها الفرصة للذهاب إلى موطن هذه التخصصات لتحقيق الرغبة المزدوجة. لذا فإني أدعو وزارة التعليم العالي دراسة هذا المقترح، وعدم الانتظار لحين طرق أبوابها من قِبل هذه الجامعات، بل تبادر الوزارة بدعوة هذه الجامعات بافتتاح فروع لها في مناطق المملكة المهمّة؛ لأننا نحن أصحاب الحاجة، ولننظر في الشركات العالمية، وشركات السيارات العالمية التي يوجد لها فروع ووكالات في المملكة، وهي ناجحة بكل المقاييس، هذا الطرح لا يعدو كونه مجرد اقتراح، أدغدغ به مشاعر مسؤولي وزارة التعليم العالي، ولا أظنه غير مطروح في أجندتها في خضم وزخم مشاريعها وتطلعاتها المستقبلية -أعانها الله-، فهل تعلّق الجرس؟!! [email protected]