يمكن القول بعد جولة المبعوث الأمريكي جورج ميتشل التاسعة للمنطقة: إن عملية السلام في الشرق الأوسط وصلت إلى طريق مسدود، بعد فشل ميتشل في إقناع إسرائيل بتجميد الاستيطان، بما يتماشى مع الموقف الأمريكي نفسه، الذي تبناه الرئيس أوباما في بداية تسلّمه لمقاليد السلطة في بلاده، وأيضًا كشرط تطالب به السلطة الفلسطينية للعودة إلى مائدة المفاوضات. وقد أقرّ أوباما رسميًّا بحدوث جمود لعملية السلام، مستبقًا إنهاء ميتشل لجولته، عندما أعلن في حديثه لمجلة «تايم» الأمريكية عن فشل الولاياتالمتحدة في تحقيق الإنجاز المأمول في الشرق الأوسط. ورغم ما بذله ميتشل من جهود لمحاولة إقناع الإسرائيليين بإبداء مزيد من مؤشرات المرونة، بما في ذلك نقل مناطق أكبر في الضفة الغربية التي تتمتع الآن بحكم ذاتي جزئي إلى السيطرة الفلسطينية الكاملة، وإزالة المزيد من الحواجز العسكرية في الضفة الغربية التي ترى واشنطن أن من شأنها أن تسهل على الرئيس الفلسطيني محمود عباس العودة إلى طاولة المفاوضات، إلاّ أن موقف التعنّت الذي اتّخذه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أظهر أن رؤية الرئيس باراك أوباما لتحقيق الدولة الفلسطينية في غضون عامين أصبحت صعبة المنال، خاصة في ظل إصرار إسرائيل على بقاء المستوطنات الكبرى في الضفة الغربية «جزءًا من دولة إسرائيل إلى الأبد» على حد قوله. لا يمكن النظر إلى الموقف الإسرائيلي الراهن بأنه تجسيد لعناد وتزمت حكومة نتنياهو، لأن التاريخ يثبت أن إسرائيل لا تتخلّى عن عنادها دون ضغوط أمريكية حقيقية، تدفعها إلى تغيير مواقفها على نحو ما حدث عام 1991، عندما استخدم الرئيس بوش الأب ورقة فرض عقوبات ليجبر رئيس وزراء إسرائيل في ذلك الوقت إسحق شامير على الجلوس إلى طاولة المفاوضات. ينبغي التأكيد على أن تعثر عملية السلام بكل ما يحمله من انعكاسات سلبية على الأوضاع في المنطقة يعتبر نتيجة طبيعية للمعاملة المميزة التي تحظى بها إسرائيل، التي أصبحت في المجتمع الدولي كالطفل المدلل، تفعل ما تشاء دون أية مساءلة، أو عقاب وهو ما يقتضي من واشنطن بشكل خاص ممارسة ضغوط حقيقية على إسرائيل، وإنهاء المعاملة الخاصة التي تحظى بها.