أكدت الأستاذة الدكتورة خولة بنت سامي الكريّع كبير علماء أبحاث السرطان ورئيس مركز الأبحاث في مركز الملك فهد الوطني للأورام التابع لمستشفى الملك فيصل التخصصي أن خادم الحرمين الشريفين لا يفرق بين المواطنين إناثًا وذكورًا، وأن المقياس عنده هو العمل المخلص والعطاء المستمر لأجل خدمة هذا الوطن، مدللة على ذلك بما وجدته منه -حفظه الله- من تعضيد ومساندة وتكريم، مشيرة كذلك إلى أن دعم ولي الأمر أسهم في أن تخرج المرأة السعودية من الأسوار التي ظلت داخلها لفترة طويلة. مؤكدة قدرة المرأة السعودية على تبوّؤ أعلى المناصب، ومن بينها الوزارات، رافضة في الوقت نفسه رغبتها في تسنّم وزارة الصحة، بقولها: «لو عُرضت عليَّ وزارة الصحة لما قبلتها». جاء ذلك في أمسية تكريمها بالاثنينية يوم أمس الأول، وسط حضور طغى عليه العنصر النسائي على غير ما اعتاده منتدى الاثنينية.. ورفضت الكريّع في كلمتها ربط نجاح المرأة بضرورة وجود داعم يمهّد لها الطريق ووصفها بالكائن الضعيف الذي لا يستطيع تحقيق النجاح بمعزل عن الرجال، مؤكدة أن هذه وجهة نظر نمطية ومغلوطة، داعية المرأة لتجاوز هذه النظرة بتأكيد نبوغها، ساردة ما واجهته من صعوبات أثناء دراستها للطب بقولها: مشوار دخولي لكلية الطب، وصولاً إلى سنة الامتياز لم يكن بالدرب اليسير. فقد أنجبت أبنائي الأربعة أثناء دراستي في كلية الطب، واستطعت أن أوازن بين أمومتي وبين عملي وسهر الليالي ولكن الإيمان بالله والمثابرة والطموح هما شعلة الأمل، ولقد كانت الدراسية الأخيرة هي السبب في اتخاذي لقرار التخصص في مرض السرطان. فقد اكتشفت أن العمل الإكلينيكي في فحص المريض وتقديم العلاج لم يستهوني فكنت أرغب أن أقدم لهم أكثر فتفرغت للبحوث عن السبب وراء جين السرطان خاصة عندما شاهدت حالات أصيبت بنفس نوع السرطان، واختلفت مدى استجابتهم للعلاج فالبعض شفي والآخر لم يستجب للعلاج والآخر عاوده المرض من جديد رغم أن علاجهم واحد هذا أثار فضولي لمعرفة الجين المسبب للسرطان من خلال البحوث وتفرغت لهذا المجال. وختمت الكريّع قائلة: كذلك مما دفعني لعمل بحث في الجينات مرض السرطان رغبتي أن تكون لنا الريادة في المملكة، لأن هذه الأدوية تستطيع أن تقضي على الخلية السرطانية دون القضاء على الخلايا السليمة. وأنا أصالة عن نفسي ونيابة عن كل علماء الوطن، وكما وعدت خادم الحرمين الشريفين سأساهم في تخفيف المعاناة لمرضى السرطان. رحلة الصبر والإنجاز وكان صاحب الاثنينية عبدالمقصود خوجه قد استهل الأمسية بكلمة رحّب فيها بالدكتورة خولة مشيرًا إلى أنها خطت بخطى ثابتة طريقها من سكاكا في الجوف إلى جامعه هارفارد وصولاً لوسام الملك عبدالعزيز والذي قلدها به خادم الحرمين الشريفين مثمنًا رحلة طويلة مليئة بالصبر والإنجاز. مؤكدًا أن معترك الحياة دفع الكريّع لمتابعة التطورات غير المسبوقة في مجال الطب، فسعت لمنافسة كبار العلماء في العالم لتمثل وطنًا يعلو قادتها نور البصر والبصيرة. كذلك تحدث الدكتور رضا عبيد مدني مشيرًا إلى أن تزامن تكريم الاثنينية مع تكريم خادم الحرمين الشريفين للدكتورة خولة يمثّل دعمًا لكل المبدعين، ولفتة تدعيم للمرأة التي برزت ونجحت وتميّزت. مؤكدًا أنها حققت نصرًا كبيرًا لها وللمرأه السعودية من خلال أبحاثها التي قدمتها، فيما قال الدكتور أنور عشقي: إننا لم نكن نصدق أن من كانت بالأمس تعاني من الحظر على تعليمها تأتي اليوم وتثبت للعالم أنها امرأة قادرة على العطاء. على مستوى العالم بإنجاز أبحاث تستفيد منها البشرية قاطبة، وهذا ما نحتفل فيه اليوم من خلال تكريم الدكتورة خولة. مداخلات وأسئلة بعد ذلك فُتح الباب أمام جمهور الحاضرين للمداخلات والاستفسارات استهلها معالي الدكتور مدني عبدالقادر علاقي وزير الدولة عضو مجلس الوزراء سابقًا متسائلاً: هل اقترب الوقت لكي يصبح مرض السرطان من الأمراض التقليدية؟ هل يمكننا التنبؤ في وقت لاحق باكتشاف تطعيمات تقضي على مسببات المرض ضمن تطعيمات للولادة الحديثة للأطفال؟ وقد أجابته الكريع: هناك العديد من الأورام السرطانية أصبحت الآن مرضًا عاديًّا، حيث أصبح لها بروتوكول علاجي معيّن بدأت تصل نجاحه 100% للعديد من الأورام، أمّا الأورام الأخرى فإن المراكز البحثية في العالم يتسابقون لإيجاد العلاج خاصة بعدما ظهرت الخريطة الجينية واكتملت في عام 2001 لم تبق رموز بالخلية غير معروفة، وعليه فإن وعد (الحرب على السرطان ) وهو قانون مسجل في الولاياتالمتحدة أعلنه الرئيس الأمريكي الراحل ريتشارد نيكسون، والذي بدأ عام 1971 من المقرر بعد اكتشاف الخريطة الجينية إنهاء الحرب على السرطان في عام 2015. كذلك تداخلت الدكتورة سامية العامودي بقولها: أشعر بسعادة وابنتي تعيش في زمن معترف بوجود المرأة، وقد أصبحت رمزًا عالميًّا ونموذجًا مثلك، وكمريضة سرطان قد أخبرت ذات يوم ابنتي أنه سيصبح زمن يقال فيه كان يوجد مرض السرطان كما كان الجدري وغيره، حيث رأيت أن المسافة أقرب ممّا يتخيل الإنسان لقد اعطيتني يا خولة الأمل في أنني لو رحلت سأكون مطمئنة أن ابنتي ستجد الحلم الذي كنا نسعى إليه. متسائلة عن الزيادة المطردة في أعداد مرضى سرطان الثدي لتجد الإجابة من الكريع في سياق قولها: بالنسبة لزيادة سرطان الثدي فإحصاءات السرطان تختلف في التوزيع، وليس النسبة فالعشرة أورام الأكثر شيوعًا في المملكة عنها في دول الغرب فمثلاً سرطان الغدة الدرقية ترتيبه الثاني من الأمراض التي تصيب المرأة بعد سرطان الثدي فيما أنة ترتيبه يتراوح بين الثامن والعاشرة في الدول الغربية، ولذلك أؤيد إقامة مركز قومي للسرطان في المملكة في المستقبل القريب لأننا بحاجة إليه. وتسأل الأستاذ الدكتور محمود حسن زيني أستاذ الأدب العربي والنقد، عن العلاج بالورد والقرآن وماء زمزم، وما هو رأيك بإصابة العين بالمرض فقالت: لا أقلل أبدًا من الحديث الشريف والطب النبوي وماء زمزم وهذه روحانية طيبة وهي تستخدم حتى في الغرب لكن الشفاء لا أستطيع أن أؤكده حيث إنه لا يمنع أن المريض يلجأ لعلاج الطب الحديث، أمّا عن إصابة العين بمرض السرطان فالسرطان لا يتكون في يوم وليلة، وإنما في سنوات حتى يتحول إلى ورم سرطاني. فيما تساءلت ثريا زكريا بيلا عضو اللجنة النسائية للملتقى الثقافي الأدبي حصلت على جائرة جامعة هارفارد عام 2007 فكيف تم اختيارك؟ وماذا يمثل اختيارك في إدارة تحرير مجلة BMC genomic البريطانية العلمية؟ وهل تأثر هذه المهمة على أبحاثك الطبية المتميزة؟ وقد أجابتها الكريع قائلة: تقدم جامعة هارفارد جائزة سنوية للتميز العلمي وهي جائزة تعطى بناءً على السيرة الذاتية والإنتاجية العلمية البحثية قياسًا على أهميتها وفائدتها العلمية وعليه رشحت للجائرة نظير إنجازاتي البحثية التي استغرقت سنوات من البحث، أمّا عن تأثير التحاقي بمجلس تحرير مجلة BMC الطبية فهو شرف لأي عالم أن يلتحق بمجلة طبية مرموقة مثلها وإن استهلك من وقته لأنه استهلاك المرغوب وإضافة علمية لن تأثر على أبحاثي. وبسؤال الدكتورة الكريع عن رأيها للعلماء العرب الذين ينجحون في أوروبا وأمريكا لا يعودون إلى بلادهم ما هو تقيمها لأداء للعلماء العرب المقيمين في الخارج، وكيف يمكن أن يساهموا في تقدم شعوب المنطقة وما هي المعوقات التي تحول دون ذلك، فأجابت الكريع: لا شك أن هجرة العقول العربية للدول الأجنبية واستقرارها هناك يرجع إلى توفر الإمكانيات المادية والبحثية لديهم، حيث تعطي بصورة أسرع خالية من البيروقراطية، ولكنني رغم تقدم العديد من العروض للبقاء في الولاياتالمتحدةالأمريكية لكن الفكرة لم تخطر في بالي، فنحن ما زال لدينا الإمكانيات الكبيرة التي نستطيع أن نسخرها حتى لاجتذاب علماء للمملكة، فنحن دولة العطاء، أمّا المعوقات فهي موجودة في أكثر من دولة عربية سواء من توفير الدعم المادي أو غيره. وفي إجابتها عن سؤال حول البحوث المستهدفة لبول الإبل لعلاج السرطان تقول خولة: رأيي العلمي يجب التأكد التجريبي من ذلك، حيث يجب أن يمر العلاج بمراحل علمية خلقية يبدأ التجارب على الخلايا في المختبر، ومن ثم خطوة التطبيق على الحيوان المصابة بالمرض من ثم تطبيقها على المرضى الميئوس من شفائهم، وذلك بعد موافقتهم للتطوع التجريبي عليهم، وهي تسمّى المحاولات الإكلينيكية، فإن ظهرت نتائج مجدية نعتمده كدواء أمّا عدا ذلك فهو غير موثّق علميًّا؛ لذا أناشد الدور الإعلامي توعية العامة وأصحاب الثقافات المحدودة بعدم الترويج بفاعلية ونجاح الوصفات غير الموثقة علميًّا لعلاج السرطان. بجانب العديد من الأسئلة والمداخلات التي تركّزت حول موضوع أبحاث الدكتور خولة ومشاريعها في مجال مرض السرطان. والدة الدكتورة خولة الكريع ل”الأربعاء”: وسام الملك عبدالعزيز شرف عظيم لنا وصفت والدة الأستاذة الدكتورة خولة الكريع والتي كانت حريصة على أن تشارك ابنتها حفلة التكريم ل “الأربعاء” سعادتها ومدى فخرها واعتزازها بابنتها ليس لكونها أمها فقط، بل كونها امرأة سعودية، حيث إن نجاحها هو نجاح كل سعودية. ولهو شرف شرّفنا به خادم الحرمين الشريفين من خلال تقليد ابنتي بوسام الملك عبدالعزيز من الدرجة الممتازة، وأحمد الله على ذلك. وعن طفولة الدكتورة خولة أشارت والدتها بأنها كانت طفلة هادئة جدًّا، ومتفوقة، وطموحة، وأنها طيلة مراحلها الدراسية كان النجاح حليفها. ففي المرحلة الثانوية حصلت على المركز الثاني على مستوى المملكة العربية السعودية. وقد أخذت على نفسي عهدًا أن أقدم كل ما في وسعي لتفوق أبنائي ليكونوا مواطنين صالحين، يخدمون دينهم ثم مليكهم ووطنهم كل في مجاله، لذلك فقد نال إخوة الدكتورة خولة أيضًا نصيبهم من التفوق العلمي، فلها 3 أشقاء أطباء، وشقيق ضابط، وآخر مدير أحد البنوك، مؤكدة على أن المرأة السعودية قادرة على الإنجاز حتى وإن لم تكن تعمل، فمن خلال حُسن تربيتها ومراعاتها لأبنائها يمكن أن تخرّج سيدات ورجالاً يساهمون في رفعة هذا الوطن الغالي.