لقد قرأنا واستمعنا للكثير من الندوات والمقالات وبعض الكتب التي تتحدث عن فن الصداقة والمقاييس والمعايير التي ينبغي للانسان أن يأخذها بعين الاعتبار عند اختياره لصديقه، ولكن الملاحظ على هذه الندوات والكتب أنها اعتمدت في تكوين الصداقة على طرف واحد فقط وتجاهلت تماما الطرف الآخر ومدى قبوله وانسجامه مع هذه الصداقة ، فالصداقة ليست مسؤولية طرف دون الآخر وانما هي علاقة بين شخصين أو طرفين لانها صناعة يشترك بها الطرفان والتي تكون مبنية على أسس ثابتة وأخرى اختيارية0 فقد يعاني ويتضجر البعض من أصدقائه وذلك من عدم وجود الاحترام المتبادل بينه وبينهم حيث لا يسألون عنه كما يسأل ولا يبدون له التقدير و الاحترام كما يبدي لهم مما يجعله يعيش في نفسه حالة يرثى لها والتي تشعره بأنه غير مرغوب لديهم، مع أنه وفي معظم الحالات تجد هذا الشخص يمتلك خلقا عاليا وأدبا رفيعا، ولكنه لم يلتفت بأنه هو من وضع نفسه في هذا الموضع وليس أصدقاؤه وذلك لانه لم يضع محبته ومودته في موضعها المناسب والذي يصدق عليه قول الامام علي رضي الله عنه ( من وضع حبه في غير موضعه فقد تعرض للقطيعة) وقال أيضا ( لا تبذلن ودك إذا لم تجد له موضعا) ، فلا بد للانسان أن يقرأ جيدا عن مدى اهتمام الاخرين به ومدى قبولهم واستجابتهم لمودته بحيث لا يبذل مودته ومحبته للآخرين إلا ضمن المقدار الذي يستحقونه ويتفاعلون معه، لكن للاسف فإن البعض قد يهرب ويبتعد من الصديق الذي يكن له الاحترام والتقدير والحب والمودة ويتقرب وينشغل بمن تخلو قلوبهم من مودته مما يجعله ذليلا لا يشعر بوجوده وأهميته، كما قال أحد الحكماء( لا وجدت ذلا مثل اشتغال قلبي بفارغ القلب مني) فلا تسقط من هو دونك فيسقطك من هو فوقك0 أخي العزيز لا تضيع وقتك في محاولة كسب أصدقاء لا أثر لوجود مودتك في قلوبهم فلا تختصر العالم على هذه المجموعة من الاصدقاء التي لم توفق معها والتي قد تجلب لك العناء والتعب والمشقة بل ولا تجعلها مقياسا وميزانا لتقييم قدراتك في اكتساب محبة الآخرين، فالحياة مليئة بالناس الذين على استعداد أن يبذلوا الغالي والنفيس من أجل اكتساب مودتك ومحبتك. بدر مطلق الجويد - المدينة المنورة