* السجال الذي أثاره رد فعل أمين محافظة جدة المهندس عادل فقيه تجاه ما كُتب في الصحافة، سواء من قِبل الكُتَّاب أو المحررين، حين وصف قرار التمديد له كرئيس إدارة شركة جدة للتنمية والتطوير العمراني بأنه أبلغ رد على الذين تناولوه شخصيًّا، هذا السجال يدلل على حالة الاحتقان والتأزم بين المسؤول والصحافة. * وللحق وللتاريخ فحالة الاحتقان والتأزم لم تصنعها الصحافة كُتَّابًا ومحررين، بل صنعتها أذهان مأزومة من بعض المسؤولين، سواء في القطاع الحكومي أو الأهلي والذين مَتْرَسوا أذهانهم، وأغلقوا عقلياتهم على مفهوم وهميّ يتلخّص في تقصّد الصحافة لأشخاصهم، ولذواتهم هم كأفراد. * تنسى هكذا عينة من المسؤولين أنها ليست اعتبارية في نظر العامة والصحافة بكُتَّابها ومحرريها، لو لم تكن في مواقع مسؤولية عامة، وإدارتهم لإدارات أجهزة ومؤسسات ذات علاقة مسيسة بحياة العامة، وهو ما يستوجب على الصحافة نقد أداء تلك الإدارات والمؤسسات، خاصة في القصور، وقلة الإنتاجية، وانعدام الأداء الجيد. * ولكن من واقع مُعاش فأغلب المسؤولين في القطاعات الجماهيرية أمِنوا (خطأً) بأنه لا فرق بين ذواتهم كأشخاص وبين إداراتهم، فمزجوا بين الاثنين، وكأنهما ذات واحدة، بل إن بعض هؤلاء حوَّل بقدرة قادر الإدارة أو المؤسسة التي يشرف عليها إلى ملكية خاصة، فهو الآمر الناهي، وهو المُقرّب والمُبعِد، ومَن لا يعجب سيادته فليس له سوى الإبعاد أو الطرد، ومَن ينافقه أو يجامله فهو الحبيب المقرب. كما أنهم -أي هذه العينة من المسؤولين- فضلوا أقاربهم وخلصاءهم بالكثير من المزايا الوظيفية والمشاريعية، وهو ما أفصحت عنه كارثة جدة الأخيرة. * في ذات الوقت الذي يرى فيه الكُتَّاب والصحفيون أنفسهم مسؤولين أمام الله، وأمام ضمائرهم، وأمام ولاة الأمر بتحرّي الدقة والبحث عن ما يحمي مقدرات الوطن، ويحافظ على حقوق أبنائه، وهو ما شدد عليه زملاء كُتَّاب في حديثهم لصحيفة «الحياة» في عددها الصادر يوم الأحد الماضي، تعليقًا على حديث أمين جدة. * تقول الزميلة بدرية البشر: «ما قدمته الصحافة بعد كارثة جدة لا تعني حملة على شخصيات معينة، وليست حربًا وظفت الصحافة فيها.. والصحافة ليست عدوًّا لأحد.. ومحاسبة المؤسسات وأصحاب السلطة حال الإخلال بواجب خدمة المواطن باتت وظيفة الصحافة في كل العالم». * في حين يقول الصديق الدكتور حمود أبوطالب: «هناك مسؤولون لا يحسنون الفصل بين ذواتهم وإداراتهم، ويعتبرون أي نقد للإدارة موجهًا لأشخاصهم، وهذه إشكالية لابد أن يتخلّص منها كثير من المسؤولين».. وهو ما يؤيده الزميل صالح الشيحي بقوله: «إن انتقادات الصحافة طالت منصب أمين جدة، ولم توجّه إلى المهندس عادل فقيه شخصيًّا، بمعنى أنه لو لم يجلس على كرسي الأمانة ما خصص أي من الكُتَّاب الصحفيين حبر قلمه للكتابة عنه». * آراء هؤلاء الزملاء الكُتَّاب إنما هي تعبير واضح عن ما يؤمن به الغالبية العظمى من الكُتَّاب والصحفيين (الشرفاء) الذين يدركون بكامل وعيهم الوطني وقدراتهم العقلية أنهم مؤتمنون على القلم ونزاهته، وأنهم محاسبون أمام ضمائرهم، ومسؤولون أمام ولي أمر هذه التربة الطاهرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز يحفظه الله عن قول كلمة الحق، وعدم المجاملة لأي مسؤول، خاصة في حال فاجعة مثل كارثة جدة، وهو ما يدفعني إلى مطالبة لجنة تقصّي الحقائق إلى محاسبة أي مسؤول لا يقيم لأحاديثه وزنًا، ولا يعرف كيف يتعامل مع النقد حين يتّهم الآخرين بتقصّده هو لذاته لا أداء إدارته، ولأي مسؤول عام لا يعجبه النقد، فليبقَ في بيته (أَرْيَح) له وللآخرين! فاكس: 6718388 – جدة[email protected]