في بلادي أصبح الثري يزداد ثراءً، والفقير يزداد فقرًا! فتوسّعت الفجوة بين الطبقات المجتمعية. في بلادي ما زال الناعقون بشعارات الطائفية يكفّرون، ويزندقون من شاؤوا من أبناء المسلمين، دون أن يفتحوا شفاههم للحديث، ولو بالإيماء عن مخططات إسرائيل التوسعية، وعن جرائم الحرب التي ارتكبتها، وعن جريمة العقاب الجماعي التي تمارسها منذ ما يزيد على ثلاث سنوات في غزة!! في بلادي ما زال هناك مَن يرى أن غطاء الوجه أهم من مكافحة الفقر، وأن منع ما يسمّى بالاختلاط أهم من محاربة الفساد، وأن تجريم مَن يستمع إلى الموسيقى، أهم من تجريم الظالمين، والمرتشين، والمتاجرين بأرواح البشر. في بلادي التزم أكثرية أهل العلم الصمت تجاه كارثة جدة، رغم أن كثيرًا منهم يمتلكون منابر تلفزيونية يطلون علينا من خلالها ليمطرونا بوابل من الفتاوى الخاصة بأحكام الحيض، والنفاس، والنذور، والأكل باليد اليمنى، وانتعال الخف بالقدم اليسرى! في بلادي يتحدّث المثقفون عن حق المرأة في قيادة السيارة دون أن ينتبهوا إلى أننا واحدة من أكثر البلاد التي تتفشى فيها ظاهرة تزويج القاصرات! وفي بلادي يتحدّث المثقفون عن الليبرالية دون أن يعوا أن مدننا ما زالت تفتقر إلى شبكات الصرف الصحي حتى الآن! في بلادي يكتب البعض ملتمسًا الرحمة للمرتشين، ومطالبًا بعدم هتك سترهم، وعدم التشهير بهم، وكأن ما قاموا به كان مجرد معاكسات تليفونية، أو محاولة سلب بضع مئات من الريالات من محطة للبنزين! في بلادي يحدث كل هذا.. فمتى نتنبّه؟!