طالب علماء الإسلام بضرورة وجود تشريع يجرم إطلاق أسماء المعالم والمدن المقدسة على غير أماكنها وعدم استخدام هذه الأسماء كلافتات للمحال التجارية وأماكن البيع والشراء وأماكن اللهو، مشددين على ضرورة ملاحقة من يقوم بهذا الفعل المجرم سواء داخل العالم العربي والإسلامي أو خارجه. مؤكدين أن المدن المقدسة لها مكانتها في نفوس المسلمين ولا يجوز مطلقاً التعدي عليها سواء باستغلال أسمائها بهذه الصورة المنافية لقدسيتها، مطالبين المملكة بشكل خاص بسن قانون يجرم من يقوم بذلك العمل المرفوض شرعاً حفاظاً على هيبة الأماكن المقدسة واحترامها في نفوس البشر جميعاً. وأوضحوا أن المدن والمعالم المقدسة، خاصة مدن المشاعر كمكة والمدينة وعرفات ومزدلفة ومنى وغيرها كلها من الأمور الدينية التي يجب الحفاظ عليها وعلى أسمائها، ويحرم استغلال هذه الأسماء في غير مواضعها لأن في ذلك إساءة للإسلام ديناً وأمة، ويجب معاملة من يقوم بإطلاق اسم من هذه الأسماء على مكان غير لائق بأنه مجرم ومعاد للإسلام، كما تجب معاقبة هؤلاء وملاحقتهم، مؤكدين حق المملكة في اللجوء اتفاقية الملكية الفكرية كاتفاقية دولية لمنع استخدام المعالم والمدن المقدسة وإطلاق أسمائها على لافتات تجارية. وطالبوا منظمة المؤتمر الإسلامي و "الإيسسكو" بضرورة القيام بحملة تثقيفية في ربوع العالم الإسلامي كله وفي العالم أجمع أيضاً لرفع وعي الناس بأهمية وقدسية هذه الأماكن وأن استغلال أسمائها في غير موضعها أمر خارج على تعاليم الإسلام بداية يؤكد المفكر الإسلامي الدكتور عبد الصبور شاهين الأستاذ بكلية دار العلوم جامعة القاهرة أن المدن المقدسة لها مكانتها في نفوس المسلمين ولا يجوز مطلقاً التعدي عليها سواء باستغلال هذه الأسماء كلافتات المحال التجارية أو غيرها، بل إن هذه الأماكن يجب أن يكون لها احترامها في نفوس الجميع فالحفاظ عليها حفاظ على كرامة المسلمين ودينهم، فمكةالمكرمة على سبيل المثال هي قبلة المسلمين وقلب الأمة الإسلامية النابض وواحة المشاعر المقدسة، قال تعالى: "وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق" ففي مكةالمكرمة الثواب مضاعف والذنوب مضاعفة فالصلاة في حرمها تساوي مائة ألف صلاة، كما أن الله تعالى قد شرفها بأمور عظيمة لا حصر لها قال تعالى " وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا بلداً آمنا وارزق أهله من الثمرات من آمن منهم بالله واليوم الآخر" والادعية المأثورة في ذلك كثيرة. ومضى شاهين قائلاً: من فضائل مكةالمكرمة ما رواه ابن عباس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ليس بلد إلا سيؤمه الدجال إلا مكة والمدينة" وعن ابن عمر رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "من طاف بالبيت كتب الله له بكل خطوة حسنة ومحا عنه سيئة"، فهل بعد كل هذا الوصف القرآني للبلد الحرام يصح أن نجد اسم مكةالمكرمة يطلق على محلات العصير أو الملابس إلى آخره؟ قرار أممي من ناحيته يقول الدكتور سليمان الزايدي عضو مجلس الشورى: لا شك أنه أمر مؤسف ومحزن أن نجد مثل هذه الأماكن تحمل مسميات إسلامية مقدسة، ليس هذا فحسب بل قد نجد رسومات وشعارات لأماكن إسلامية مقدسة على بعض المصنوعات مثل الملابس والأحذية وغيرها مما يمس مشاعر المسلمين ويحرك وجدانهم تجاه مقدساتهم. والمتتبع للبحث عن أسباب هذه التسميات أو الرسومات لا يستطيع أن يخرجها عن أمرين فالأمر الأول: الإساءة لهذه المقدسات والمسلمين من أناس لديهم إصرار مسبق على الإساءة للمسلمين ويمارسون تجاههم سياسات الإقصاء وتشويه السمعة، أو أنهم أناس يسعون إلى الربح المادي وتصوروا أن المسلمين عندما يجدون هذه المسميات أو الرسومات على محلاتهم يكون الأمر جاذباً لهم لشراء هذه المنتجات والمقتنيات. ومضى الزايدي بالقول: لا أعتقد أن الحل في تسجيل هذه الأماكن كملكية خاصة للمسلمين سواء أكانوا سعوديين أو غيرهم لأننا لو فعلنا ذلك ستظهر مسميات أخرى وليست من السهولة أن نتتبع هذه الأماكن لتسجيلها ومن ثم إذا سجلناها كيف نتعامل معها في المستقبل ولأي نشاط نحولها. ولكن في اعتقادي أن الحل هو أن نقاطع هذه الأماكن أولاً وبعد ذلك يكون للأمة الإسلامية نشاط تثقيفي يوضح لغير المسلمين أن هذه الأماكن مقدسة عند المسلمين وأن المساس بها فيه جرح لمشاعرهم وفيه إساءة لدين الإسلام. وختم الزايدي قائلاً: الذين هبوا بعد اندلاع أزمة الرسوم المسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم سعوا لاستصدار قانون دولي من الأممالمتحدة يجرم ويحرم الإساءة للأنبياء والرسالات السماوية، وضرورة محاكمة من يمارس مثل هذا العدوان وبالتالي أعتقد أن الدعوة لاستصدار القرار الأممي ما زالت مطروحة على الطاولة، وأتمنى تحريكها من قبل الهيئات والجماعات والمنظمات الإسلامية وأولى هذه الهيئات منظمة المؤتمر الإسلامي ورابطة العالم الإسلامي في مكةالمكرمة. عداء للإسلام ويقول الدكتور مشعل السلمي: سبق وأن اجتمع في مجلس الشورى مع مندوبي مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية وكان الجميع حريصون كل الحرص على الحفاظ على الجانب الأخلاقي والسلوكي في المجتمع وهذا أمر مشاهد فالمواقع الإباحية وغير الأخلاقية والأمور المنافية للأخلاق فهذه الأمور هم شديدون الحرص عليها. لا أتصور أن يكون هناك مسلم حريص محب لدينه يقوم بوضع هيكل أو مجسم للكعبة ويضع بداخله أشياءً تنافي الأخلاق، حتى ولو كان مسلماً عاصياً. فأنا لا أتوقع أن يكون هذا الأمر مقبول بالنسبة له لأنه يدعو للاشمئزاز. ومضى السلمي قائلاً: أعلم من أنشأها لكن قد يكون الدافع هو الجهل وقد يكون عصبية عمياء وقد يكون هو عداء للإسلام، مع أن البعض قد يحمل أسماءً إسلامية لكنهم يدينون في الحقيقة بغير دين الإسلام. لا يمكن لأي مسلم عاقل ومحب وغيور على دينه وعنده ولاء لدينه وقيمه ومبادئه أن يقيم مجسماً للكعبة ويجعل منه ماخوراً والعياذ بالله، فالذي أتوقعه شخصياً أن تكون هذه الأعمال الساقطة من تدبير بعض أعداء الإسلام بقصد تشويه سمعته واستفزاز المسلمين. ومن له علاقة بالغرب ودوله يدرك تماماً أنه لا توجد مدينة إلا وبها مسلمون، ولن تخل مدينة من مركز إسلامي أو مسجد، وقد يكون هذا من أسباب ازدياد معدلات العداء للإسلام والمسلمين. وختم السلمي بالقول: الحمد لله أن جميع المسلمين محبون لدينهم وحريصون عليه ومستعدون لحمايته، ومن يرى تلك الأعداد الهائلة من الناس، كبارهم وصغارهم ممن يأتون إلى المملكة بعرض العمرة أو الحج يدرك ذلك جيداً. ملاحقة قانونية ومن جانبه يقول الدكتور محمد أبو ليلة أستاذ ورئيس قسم الدراسات الإسلامية باللغة الإنجليزية بجامعة الأزهر وعضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية أن المدن والمعالم المقدسة خاصة مدن المشاعر كمكة والمدينة من الأمور الدينية التي يجب الحفاظ عليها وعلى أسمائها، ويحرم استغلال هذه الأسماء في غير مواضعها لأن في ذلك إساءة للإسلام ديناً وأمة، ويجب ملاحقة من يقوم بإطلاق اسم من هذه الأسماء على مكان غير لائق وإيقافه والوقوف قانونياً في وجهه. وقال أبو ليلة: في الفترة الأخيرة حاول بعض أعداء الإسلام النيل من هذه المعالم الإسلامية المقدسة بالاستهزاء بأسمائها وأماكنها، فأخذوا ينشئون الخمارات والمراقص وبيوت البغاء ويطلقون عليها أسماء هذه الأماكن المقدسة لمعرفتهم بقدسية هذه الأماكن ومكانتها في نفوس المسلمين أجمعين على وجه البسيطة، وأقرب الأمثلة على ذلك ما حدث في الولاياتالمتحدة من إنشاء ماخور على شكل مجسم للكعبة المشرفة وإطلاق اسم (تفاحة مكة) عليه، ويأتي ذلك الأمر وسط صمت غير مبرر من العالم العربي والإسلامي وهذا فيه إهانة كبيرة لمشاعر المسلمين في كل مكان. هذا الحادث يعد مثالاً بسيطاً قد يكون تكراره موجود في الغرب خاصة في ظل غفلة المسلمين ، لذلك يجب العمل على وقف هذه الانتهاكات التي تتم في حق الإسلام ويجب أن يستيقظ المسلمون حتى لا يشعر هؤلاء الذين يقومون بمثل هذه الأعمال أن معالمنا ومدننا المقدسة قد هانت علينا فيزيدون من حملتهم الهجومية، مطالباً بضرورة وجود حملة عربية وإسلامية لمواجهة مثل هذه الأفعال الرخيصة، ويجب أن تبدأ هذه الحملة من الداخل العربي والإسلامي بمنع إطلاق أسماء المدن المقدسة والمعالم الدينية الإسلامية على أماكن البيع والشراء أو اللهو، بل إنه يجب على المملكة ذاتها أن تقوم بحملة عالمية لمنع استخدام أسماء هذه المعالم والمدن المقدسة في غير أماكنها أو إطلاقها على أماكن غير لائقة، لأن قيام المملكة بهذه الحملة سيجد صدىً واسعاً في العالم أجمع لأن العالم اليوم يتجه نحو التقارب وأصبح المنصفون فيه قاعدة عريضة يستطيعون تطويق المتطرفين الذين يحاولون للاستهزاء بالشعائر والثوابت الإسلامية،ولابد أن تنطلق هذه الحملة سريعاً حتى يمكن منع هذه الإساءات المتكررة للمعالم والمدن المقدسة. قداسة وتفرد وبدوره يؤكد الدكتور محمد الشحات الجندي الأمين العام للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية وعضو مجمع البحوث الإسلامية أن من أعظم البقاع وأجلها عند الله تعالى هي تلك التي يُدعى فيها الله وحده ويُسبح فيها باسمه خلقٌ كثيرٌ ليلاً ونهاراً. وإن هذه الأماكن التي يتحمل الإنسان من أجل زيارتها والتقرب إلى الله تعالى فيها كثيراً من الجهد والتعب، دون النظر إلى نفع مادي وبهدف تقوى الله ورضاه يجب أن تتحلى بالأمن. ويقول: للحرمين الشريفين ومكةالمكرمة بشكل عام وعرفات ومنى ومزدلفة وغيرها من الأماكن المقدسة في حياة المسلمين مكانة عظيمة وقدسية عالية أسبغها الله تعالى عليها، وجعلها صورة من صور العبادة، ومن أجل ذلك حقق الله تعالى لها الأمن وجعلها من أعظم الواجبات وأجلها على المسلمين، وهي مسئولية كل مسلم حيث أن أمن الحرمين والمعالم المقدسة الأخرى وقداستها وحفظها من كل ألوان الخوف والظلم والحفاظ على أسمائها المقدسة، فهذا أمر واجب على المسلمين جميعهم لأن الاعتقاد بقدسية هذه الأماكن واجب إيماني يقرب إلى الله تعالى من حيث هو اعتقاد خاص، ومن حيث أنه أسس لسلوك شرعي صالح يسلكه المسلم في حرم الله تعالى وحرم نبيه صلى الله عليه وسلم. ويشدد الجندي على أن من حق المملكة قانوناً أن تلجأ إلى اتفاقية الملكية الفكرية كاتفاقية دولية لمنع استخدام المعالم والمدن المقدسة وإطلاق أسمائها على لافتات المحال التجارية أو أماكن اللهو وغير ذلك، ويقول: هذه الأماكن تقوم المملكة على خدمتها ورعاية أهلها وزائريها من المسلمين، ويجب احترام حقها دولياً في المحافظة على أسماء هذه المعالم والمدن المقدسة، مطالباً بضرورة تكاتف الجهود العربية والإسلامية لمساندة المملكة في ذلك الأمر حفاظاً على الشعائر والمعالم الإسلامية المقدسة، ولا مفر من إصدار تشريع يحمي أسماء المعالم والمدن المقدسة ويجرم من يستغل أسماءها داخل وخارج العالم العربي والإسلامي. وختم الجندي بمطالبة منظمة المؤتمر الإسلامي والمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة "الإيسسكو" بضرورة عمل حملة مشابهة ولكنها تختلف في كونها حملة تثقيفية في ربوع العالم الإسلامي كله وفي العالم أجمع أيضاً لرفع وعي الناس بأهمية وقدسية هذه الأماكن وأن استغلال أسمائها في غير موضعها أمر خارج على تعاليم الإسلام ،لذا فإنه يجب المحافظة عليها واحترامها وملاحقة كل من تسول له نفسه التجرؤ على هذه الأسماء بالقول أو بالفعل.