شاهد العالم باسره وعبر وسائل الاعلام المحلية وخاصة القنوات الفضائية نقلاً حياً ومباشراً ولمدة ستة ايام متواصلة لحدث مهم، واهتم بهذا الحدث معظم وسائل الاعلام العالمي وخصصت وكالات الانباء المختلفة مراسلين لها وفقرات حية ومباشرة لنقل ذلك الحدث وانني على يقين بان ذلك الحدث شاهده ما يزيد عن نصف سكان العالم. اتعرفون ما هو الحدث؟ انه ليس كأس العالم لكرة القدم! انه الحدث الذي يشكل لمليار ونصف المليار مسلم ركناً من اركان دينه.. انه الحج، ولقد شاهدنا عبر البث المباشر المنظر المهيب لحشود الحجاج المتحركة والثابتة وخاصة يوم الوقفة الكبرى، وحسب الاحصائيات المعلنة فان ما يزيد عن المليونين ونصف المليون حاج كانوا يقفون في ذلك اليوم العظيم لكل مسلم، الا ان ما يلفت النظر اثناء تنقل كاميرات البث المباشر هي تلك الحشود الكثيفة والمتواجدة حول مسجد عرفة والطرق المحيطة به وخاصة طريق المشاة، فلقد كانت الاكتف متلاصقة، منتظرة خطبة ذلك اليوم وحين بدأت النفرة شاهدنا تلك الامواج البشرية تتحرك كسيل بشري مهيب يزيد طوله عن الكيلومترين عبر خط المشاة والبالغ عرضه في المتوسط اربعين متراً تقريباً. وبعملية حسابية بسيطة بضرب طول الكتلة الكثافية في عرض طريق المشاة في المساحة الاستيعابية للمتر المربع تكتشف عدد تلك الكتلة البشرية (وهذا علم يدرس في بعض الجامعات العلمية يطلق عليه ادارة الحشود البشرية) وحسب الاحصائيات المعلنة عبر وسائل الاعلام فان ما يزيد عن السبعمائة وخمسين الف حاج هم حجاج غير نظاميين. والسؤال المهم في هذا الموضوع كله، من اين اتى هؤلاء؟ واين الحجاج النظاميون واذا افترضنا ان بعض الحجاج النظاميين قد قرروا المشي عبر طريق المشاة فما هي نسبتهم، واضعين في الاعتبار ان مؤسسات الحجاج التابعين لها سواء كانت هذه المؤسسات داخلية او تابعة لمؤسسات الطوافة وفرت لهم وسائل النقل المعتمدة. ولنكن صادقين مع انفسنا ومع غيرنا فان الاغلبية العظمى لتلك الحشود المتحركة يوم الوقفة ومن المفترشة للطرق ايام التشريق بمنى هم حجاج مخالفون للنظام ولانظمة الحج. ان الخطر الكامن لهذه الحشود سواء حين التحرك او الثبوت هو ما تسببه من عوائق فيما لو حدث مكروه لا سمح الله، وذلك بما تسببه من عوائق مختلفة اثناء تحرك الاجهزة المحلية او ما تسببه من ضرر على نفسها فيما لو حدث ظرف طارئ حولها، وكما هو معروف فان ادارة الازمة تتطلب التحرك السريع من قبل الاجهزة المعنية كلاً حسب اختصاصه ويعتبر عامل الوقت للتحرك عاملاً مهماً وثميناً للحل، فالدقائق مهمة ومحسوبة لعملية نجاح التحرك والمعالجة، وعلم التخطيط لادارة الازمات يتطلب وضع اسوأ التوقعات والاحتمالات المختلفة، كما يتطلب وضع الحلول المقترحة للمعالجة لتلك الاحتمالات. ولو وضعنا سيناريو سيئاً مثل هبوب عواصف او سقوط مطر كثيف او حدوث حريق.. الخ. قلنا ان نتصور ماذا يمكن ان يحدث لتلك الحشود؟ لاسيما واذا عرفنا محدودية طرق التصريف لتلك الحشود المكتظة. ان معالجة هذه المشكلة تتطلب تشكيل فريق عمل يتألف طاقمه من اصحاب خبرة ميدانية وعملية يخرجون بدراسة ورؤية مقترحة وبحلول واقعية بتسليط الضوء على حجم المشكلة واثرها وطرق معالجتها. العميد طلال محمد صالح ملائكة باحث في الشون الامنية