قال الضَمِير المُتَكَلِّم : أظهرت كارثة سيول جدة ما يتميز به مجتمعنا من تَكاتف وحُب للخير والعمل التطوعي، فقد تسابقت شريحة كبيرة من شبابنا من الجنسين على تقديم العَوْن للمحتاجين حَسب الإمكانات المتاحة ، والحقيقة أن هذا السلوك إضافة إلى كونه فضيلة دينية فهو موروث مجتمعي مغروس في النفوس ، ولكن تمَ تغييب تلك الممارسةً داخلياً ، ربما بطريقة غير مباشرة إما بتوجيهها خارجياً من خلال جمعيات ومؤسسات خيرية ركزت جهودها فيما مضى على المساعدات الخارجية بشتى صورها، وتَنَاست أو تجاهلت الشأن الداخلي لأسباب قد تكون فكرية أيدلوجية، أو قناعات ترى أن العَوْن الداخلي مهمة المؤسسات الحكومية. أو بسبب ما تأصل في النفوس والسلوك بتأثير الإعلام والإعلان وخُطَب المَنابر وغيرها مِن أن التّطوع قَاصِرٌ على التبرعات المالية التي لا يملكها إلا الأغنياء وبالتالي يَبْتَعد عامة المجتمع ، وفي حَصْر التبرعات في قنوات معينة كبناء المساجد وكفالة اليتيم ، وبذلك تَجِف وتموت قنوات أخرى مهمة ! والحقيقة أن كل فَرد في المجتمع مهما كانت قدراته يستطيع أن يخدم مجتمعه ويساهم في مساعدته ونشر الخير فيه بصور كثيرة بسيطة ومبتكرة ، ولعلي هنا أذكر نموذجين ، فقبل أسابيع كنت في جدة فرأيت في احد المساجد إعلانًا هادئًا نصه (إذا أردت أن تستيقظ لصلاة الفجر فأرسلْ رسالة نصية تحمل كلمة «فَجْر» ، وسوف يتم الاتصال بك وتنبيهك للصلاة يومياً). النموذج الثاني شاهدته في مستشفى بمنطقة القصيم فذات جمعة كنت في زيارة مريض، ورأيت رجلاً جاء وسَلّم على جميع المرضى في الغرفة، وقد عرفت أن هذه عادة أسبوعية لهذا الطيب يزور فيها جميع المرضى دون استثناء ، وفيهم الذي هجره الأهل والأحباب ، وبزيارته لهم يفتح للأمل عندهم ألف باب وباب ! انظروا إلى بساطة الفكرة وسهولة التنفيذ ، ومكاسبها على المجتمع ، باختصار بذور العمل التطوعي في مجتمعنا تحتاج إلى سِقاية ورعاية في البيت والمدرسة والجامعة والمؤسسات الحكومية من خلال مشروع وطني يقول ويغرس في كل فرد من المجتمع صغيراً كان أو كبيراً ، غنياً أو فقيراً (تَطَوّع) بأي شيء يخدم مجتمعك وأعطه ولو دقائق من وَقتك ، ولعلنا نذكر بفضيلة (التطوع) من خلال أسبوع سنوي ! ألقاكم بخير والضمائر متكلمة. فاكس : 048427595 [email protected]