في عصر أبي متعب هناك شفافية ووضوح، وهناك محاسبة للمقصرين؛ لأن ولي الأمر ومساعديه في بلدنا يدركون جيدًا أنهم عيّنوا الكفاءات من الوزراء من أجل خدمة المواطن والوطن، وليس من أجل خدمة مصالحهم الشخصية. والدنا وملكنا عبدالله بن عبدالعزيز -يحفظه الله- وجه كلمة، بعد إقراره أضخم ميزانية منذ تأسيس المملكة العربية السعودية على يد الموحد -المغفور له بإذن الله- الملك عبدالعزيز آل سعود، خلال جلسة مجلس الوزراء الاثنين الماضي، قال فيها: «الميزانية -ولله الحمد- فيها الخير، وفيها البركة إن شاء الله، المهم عليكم إخواني إتمامها بجد وإخلاص والسرعة، وعدم التهاون في كل شيء يعوقها، لأن هذه أسمعها أنا من الناس، وأحسها بنفسي، بعض المشاريع إلى الآن ما بيّنت، ضائعة.. لكني آمل منكم الذي يجد تقصيرًا من أي أحد، ومنهم وزير المالية أن يخبرني، لأنه لا يوجد تقصير أبدًا، واللوم إذا جاء يجيء على الوزير فقط». إنّها بالفعل كلمات معبّرة وواضحة وصريحة لا مجال فيها للتخاذل والتقاعس والتهاون من قِبل الوزراء، إنها بالفعل مرة أخرى ميزانية الخير والبركة من وجوه الخير والبركة الملك عبدالله، وولي عهده الأمين الأمير سلطان الخير، وسمو النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية الأمير نايف بن عبد العزيز رجل الأمن الأول -يحفظهم الله جميعًا-. المطلوب الآن من الوزراء، ليس فحسب وضع «الآليات»، لتنفيذ أضخم ميزانية تشهدها الدولة، كما أشار إليها ملكنا عبدالله في ميزانية العام الماضي، عندما وضع النقاط على الحروف، ووضع يده على الجرح، جرح «الآليات» التي تنفذ ميزانية وضعت لخدمة ورفاهية المواطن، وكذلك لتنمية الوطن والمواطن، وإن المواطن هو دائمًا محور التنمية، بل إن المطلوب من الوزراء سرعة تنفيذها بكل إخلاص وأمانة، وجد ومثابرة، وعدم التهاون بذلك، وتذليل كل العقبات التي تحول دون تنفيذها التنفيذ الأمثل. بل إن الملك -أيده الله- هذه المرة تعدّى «الآليات» إلى موضوع على جانب كبير من الأهمية، ألا وهو التقصير والتهاون، وعدم الجدية في تنفيذ المشاريع التنموية، والبطء في تنفيذها في مجتمعنا، حيث قال بالحرف الواحد: «لكني آمل منكم الذي يجد تقصيرًا من أي أحد، ومنهم وزير المالية أن يخبرني، لأنه لا يوجد تقصير أبدًا، واللوم إذا جاء يجيء على الوزير فقط». ملكنا عبدالله رجل حصيف، ولديه بُعد نظر، وليس هناك أدنى شك بذلك، ولكن ما دفعه إلى القول في هذه الميزانية الضخمة المتوازنة إلى أن اللوم دائمًا يأتي على الوزير لأنه وجد أن الوزير هو أساس المشكلة، وبالتالي لا يريد من الوزراء التقصير والتهاون، وعدم الجدية في تنفيذ ميزانيات قطاعاتهم، بل يريد آليات وخططًا مبرمجة للتسريع في إنشاء ودعم وتحديث البنى التحتية من كهرباء وماء، وطرق واتصالات ومواصلات، وشبكات الصرف الصحي والسيول، ومراكز الرعاية الصحية الأولية، والمستشفيات، والمدارس والجامعات، ومؤسسات التعليم التقني والتدريب المهني، والمدن الاقتصادية والصناعية، ومشاريع البتروكيماويات، ودعم صناديق الإقراض العقارية والصناعية، وبنوك الاستثمار والتسليف، والبنوك الزراعية وغيرها من البنى التحتية التي لا يستغني عنها أي بلد عصري في العالم. الوزراء والمسؤولون على عواتقهم مسؤوليات جسيمة للتسريع بإنشاء وتحديث البنى التحتية التي يبحث عنها المواطن ويتطلع إليها. فواجباتهم الأساسية هي خدمة الوطن والمواطنين بكل شفافية وإخلاص ونزاهة بعيدًا عن تدمير المجتمع من خلال الفساد الإداري والمالي والمحسوبيات وغيرها من وسائل التخلّف والرجوع إلى الوراء. فالتقصير واللامبالاة والتهاون والتقاعس، في هذا الوقت، في تطبيق أرقام الميزانية على أرض الواقع وفق خطط مدروسة وموضوعة أصبحت أمورًا من الماضي في هذا العهد الزاهر، لأن المطلوب الآن البرمجة لهذه الخطط، ومتى سوف تبدأ؟ ومتى سوف تنتهي؟ في وقت وزمان محددين وبالسرعة التي لا تخل بجودة المشاريع. وزراء ومسؤولون وضعت فيهم الثقة من قبل ولي أمر هذا البلد، وبالتالي فإن على كل مسؤول أن يبرئ ذمته أمام قائد هذه الأمة وشعبه، ويبرهنوا أنهم في مستوى هذه الثقة وطموحات شعب بأكمله لا مجال فيه إلى إعطاء صورة مغايرة تمامًا لولاة الأمر عن ما هو موجود بالفعل على أرض الواقع. ففي عصر أبي متعب هناك شفافية ووضوح، وهناك محاسبة للمقصرين؛ لأن ولي الأمر ومساعديه في بلدنا يدركون جيدًا أنهم عينوا الكفاءات من الوزراء من أجل خدمة المواطن والوطن، وليس من أجل خدمة مصالحهم الشخصية. ولنا أن نعتبر كيف أن فسادًا إداريًّا نتج عنه فساد مالي كان وراء مهزلة جدة في ظل غياب المكاشفة والمحاسبة والرقابة والمتابعة والأنظمة الرادعة التي توقف كل مسؤول عند حده عندما يتجاوز أنظمة هذا البلد. نريد من الوزراء استغلال المال العام الاستغلال الأمثل، وأن يبذلوا ما في وسعهم من أجل وطنهم ومواطنيهم، يحافظون على المال العام، ويرشّدون الإنفاق ومراقبة أداء وتنفيذ قطاعاتهم للميزانية المخصصة لكل قطاع بكل حرفية ومهنية عالية. مراقبة المال العام، ومراجعة الآليات، وطرق الصرف على المشاريع التنموية هي مصدر ومبعث راحة وطمأنينة للملك، وللمواطن، وللوطن ليس ذلك فحسب، بل إنها تدفع بعجلة التنمية إلى الأمام، ونصبح بذلك دولة عصرية تأخذ بأسباب التطور والتقدم والازدهار؛ لأننا لا ينقصنا شيء، فالعقول موجودة، والاستقرار الأمني الذي يشهد له الجميع موجود، والازدهار الاقتصادي المترجم بأضخم ميزانية للمملكة ملموس، ومسؤولون تم اختيارهم بعناية، ومواطنون ملتفون حول ولاة أمرهم من أجل جبهة داخلية ووحدة وطنية متماسكة تجعل تنفيذ أي ميزانية بآليات مبرمجة ومحددة أمرًا في غاية السهولة، وقديمًا قالوا «دقق الحساب تدوم العشرة»، وهذا ما نتمناه ونرجوه.. في ميزانية الخير، من وجه الخير ملكنا عبدالله.