تتصل البيئات الطبيعية بفنون تجمع ساكنيها وإن اختلفت طبيعة المدن ولغات الدول واللهجات. وتميّز البحر الأحمر بأن الدول المحيطة به عربية، مما جعله أشبه ببحيرة تتحدث العربية بلغة ساكني شواطئها، وإن كان للصحراء فنونها، والمدينة غنائها، فتتميز الطبيعة البحرية بأسلوب فني مستقل يتقنه الصيادون ويتغنون به خلال رحلات صيدهم وكأنهم يناجون السمك ليقع في شباكهم. هذه الحقيقة التى جعلت وزارة الثقافة المصرية تقيم مهرجاناً يضم الدول الواقعة على البحر الأحمر ليعرضوا فنونهم رغم اختلاف اللهجات، إلا أن كل عرض يقدم وجبة دسمة عسيرة على الهضم تجمعه مع فنون الدول الأخرى. شاركت المملكة في مهرجان فنون البحر الأحمر الذي أقيم مؤخرا في مصر بفرقة للفنون الشعبية (من جدة) عرضت فنون البحر وقدمت ألوان: "المجس والمزمار والعرضة والخبيتي والبحري"، وهذه الألوان تتناسب مع الطبيعة البحرية لمحافظة السويس المصرية التى أقيم على أرضها المهرجان وتشابه عرض البحري السعودي مع أغاني السمسية المشهورة في محافظات قناة السويس وإن أختلف الإيقاع المستخدم. وكرّم المهرجان الفنان الشعبي السعودي حسين عبدالمطلوب (أبو هلال) والذي أعتذر عن حضور المهرجان لظروفه الصحية وتسلم الدرع بدلاً منه القنصل السعودي. وقد أشاد أعضاء فرقة الفنون الشعبية السعودية بتنظيم المهرجان، خاصة التقاء الفنون، ولم يجد أغلبهم في اقتصار المهرجان على دولتين فقط بالاضافة إلى مصر، أثرا سلبياً على التواصل، آملين أن تزداد الدول المشاركة في الدورات القادمة، خاصة أن هذه الدورة تأتي كتأسيسة للمهرجان. وقد استمرت فعاليات المهرجان لمدة أربعة أيام، وهو يواجه تربص من مثقفين مصريين ينتظرون فشله، بعد اعتذار عدد كبير من الدول المطلة على البحر الأحمر، واقتصار المشاركة على المملكة وفلسطين ومصر (الدولة المنظمة)، ورغم دعوة وزارة الثقافة المصرية لدول السودان والأردن وإريتريا واليمن، إلا أن إريتريا هي الدولة الوحيدة التي أرسلت اعتذارا رسمياً عن المشاركة، ولم تتلقى أدارة المهرجان أي خطاب يؤكد الحضور أو الإعتذار من أي دولة أخرى، وأضطرت مصر للمشاركة بفرق الفنون الشعبية للمدن المطلة على قناة السويس لتعويض اعتذارت الدول، وتسبّب ذلك في تأجيل موعد انطلاق المهرجان لأكثر من مرة، وسط مشكلات مع قوميسير المهرجان السابق الدكتور علي السويسي بعد إشاعة دعوة إسرائيل للمشاركة في المهرجان، مما أثار موجة غضب بين المثقفين المصريين، وأعقبها نفي وزارة الثقافة توجيه الدعوة للكيان الصهيوني، واستقالة السويسي من منصبه، ليدخل المهرجان في سلسلة من التأجيلات. ونُظمت خلال أيام فعاليات المهرجان، العديد من العروض لفرق الفنون الشعبية بالمملكة وفلسطين ومصر، ومعرض للفن التشكيلي شارك فيه عدد من فناني المملكة، وأهدى محمد غباني قنصل المملكة في السويس محتويات الجناح السعودي الخاص بالصور الفوتوغرافية المعروضة إلى محافظة السويس، وجاءت الأعمال متأثرة بالطبيعة البحرية ولقطات لمنازل أثرية بجدة ولقطات للأجواء البحرية من أسماك وحيوانات وغواصين ومراكب وشواطئ وفنارات ومراسي بحرية ومناطق صحراوية وجبلية. وقد شارك في المعرض 38 فناناً من المملكة، ومن فلسطين 3 فنانين، إلى جانب 28 فنانا من محافظات مدن القناة، وخُصصت جانب لعرض أعمال الفنان التلقائي الفاضل خالد محمد عبدالعظيم أحد المكرّمين خلال المهرجان لتأثره بالطبيعة البحرية ووجوده في منطقة بعيدة في حلايب وشلاتين بجنوب مصر وتميّزت أعماله بالتلقائية الشديدة حيث أنه تعلّم الرسم من الصور المنشورة بالصحف التي تصل إلى قريته بحلايب وأستفاد من البيئة السودانيه خلال عمله هناك كمدير مدرسة فنقل التراث الشعبي لمناطق مختلفة وإن كان تأثره الأكبر بالفن الفطري النوبي والفلكلور السوداني المرتبط بالبحر الأحمر.