حينما أطلقت أفراح الشعب السعودي، بعودة صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز داخل أرض الوطن وخارجها كان الحب والإخلاص والوفاء لأهل العطاء الدافع التلقائي القوي لهذا الحراك الوجداني الثر والثري. لم تكن تلك السعادة التي ارتسمت على الوجوه، وحرّكت الأقدام، ودفعت بالأقلام تعبر عن التحام عميق بين الشعب وقادته فحسب، بل كانت تتجاوز إلى التعبير عن المكانة السامية التي يتمتع بها سمو الأمير في كل بيت، وفي كل قلب سعودي. إن عافية الأمير في شخصه، تمثل عافية المعاني التي تفيض دفاقةٍ من نفسه القائمة على الأصالة العربية، ففي سلامة الأمير وعودته، سلامة وعودة الكرم والكرامة، والقوامة والاستقامة، والعلم والعمل، والرجاء والأمل، والنخوة والشهامة، والرجولة والبطولة، والحنكة والحكمة، والنبل والفضل، بل وكل ما في الأخلاق من مكارم. لم يكن في القلوب من سؤال إلاّ لله تعالى أن يعود الأمير إلى أرض الوطن سالمًا، إلاّ أنها امتلأت بالتجاوب والإجابة بعد الاستجابة، حيث فاضت هذه القلوب بعد شكر الله فرحةً وغبطةً وسرورًا وحبورًا لا تحده حدود، ولا يقف به قيود، وقد رأينا كيف كان الوفاء، وصدق المشاعر وصفاء السرائر الذي ذاع بين الناس، فعمَّ أرجاء البلاد، وشاعت بين أفراد الشعب الفرحة، وكأنها الأنفاس تتجاوب مع الهواء الطلق، حيث لم ينتظر احدٌ أن يسبقه بالفرحة غيره، بل ربما اعتقد كل فرد بأن الحدث السعيد يعنيه وحده. بوركت وعوفيت دائمًا يا صاحب السمو، وكأني أحاول أن استعير بيت المتنبي: المجدُ عوفي إذ عوفيت والكرمُ وزال عنك إلى أعدائك الألمُ صحيح أن عافيتك عافية للمجد والكرم، غير أننا لا نجد لك عدوًا في حياتنا ندعو عليه، وعلى ذلك ننشد البيت المليء بالدعاء الصادق معدّلاً يناسب مقامك، حيث لا عدو لك فنقول: المجدُ عوفي إذ عوفيت والكرمُ وزال عنك على طول المدى الألمُ لقد سعدت بعودتك البلاد، وسعد العباد، وانعقد لواء المحبة بين الناس فيك، وقد كانوا من قبل يدركون كم يحملون لك من مشاعر المحبة والوفاء، إلاّ أنهم الآن قد اختبروا مقدارها فوجدوه أبعد من الوصف لأنه يماثل قدرك في النفوس.