ما بين جثث تطفو أمامه وسيول تغمره داخل سيارته وسيدة معوقة واطفال ينتحبون، عاش المواطن علي حماس عسيري تسع ساعات وصفها بأنها من أقسى وأصعب لحظات حياته. العسيري روى ل «المدينة» تفاصيل الموقف العصيب الذي اعتبره بمثابة «الموت الذي مر بجانبه» قائلاً: أثناء قيادتي لسيارتي ظهر يوم الكارثة بالقرب من طريق الجامعة شرق الكوبري فوجئت بتعطل حركة السير وازدحام السيارات أعلى الكوبري لمسافة طويلة، لم يكن أمامي وقتها إلا اتخاذ اصعب قرار في حياتي للاختيار بين أمرين لا ثالث لهما، الوقوف مع الجميع بانتظار مصيرنا المحتوم مع تزايد كثافة وقوة السيول، او البحث عن اي حل آخر خاصة وان الحلول كانت محدودة جداً إن لم تكن معدومة، وذلك بسبب انسداد منافذ الخروج، بالاضافة إلى أن عدداً من اصحاب السيارات الواقفين معي اخبروني بوجود خلل في الطريق ربما يؤدي إلى انهيار الكوبري، لحظتها لم اجد حلا سوى الاستدارة بسيارتي وعكس السير والدخول في شوارع حي الجامعة باتجاه مسجد بن لادن المحاذي لشارع الطواحين لأفاجأ عند منتصف الطريق بالمياه تغمرني بغزارة وقد وصل ارتفاعها إلى مقاعد السيارة التي بدأ السيل يحركها يمينا ويسارا وأنا لا استطيع التحكم في عجلة القيادة، مما أدى إلى ارتطامها بعدة سيارات أخرى. وواصل العسيري سرد تفاصيل قصته قائلاً: وما بين جثث طافية شاهدتها بأم عيني يجرفها السيل أمامي وعويل وبكاء الاطفال والنساء داخل السيارات المجاورة، استسلمت لمصيري خاصة وانني لا أجيد السباحة ولم يكن أمامي سوى التشبثت بالجلوس داخل السيارة أملا في انخفاض منسوب المياه، ولكن لا أمل مع استمرار ارتفاع المياه، عندها قررت لحظتها تجهيز وصيتي التي احتفظ بنسخة منها دائما في سيارتي، إلا انها هي الأخرى لم تسلم من المياه التي بللتها، ولم ينقذني من هذا الموقف بعد مشيئة الله عز وجل سوى ارتطام سيارتي بأحد الارصفة مما ساهم في توقفها فسارعت بالخروج من السيارة بمساعدة وفزعة عدد من الشباب الذين واصلوا جهودهم وقاموا بإنقاذ عدد من اصحاب السيارات المحتجزة ومن بينهم سيدة معوقة كانت برفقة ابنها حيث قام الشباب بربط حبل وإيصاله إلى السيارات التي احتجزت بركابها ومن ثم سحبهم واحدا تلو الآخر.