منذ اليوم الأول لكارثة جدة، درج إطلاق مصطلح (العشوائيات) على الأحياء السكنية التي تضررت بفعل السيول، من قبل بعض الكتّاب ووسائل الإعلام. مصطلح العشوائيات هو مصطلح مغلوط، ولا ينطبق على الأحياء السكنية التي جرفتها مياه الأمطار في جدة. فالعشوائيات كاصطلاح تعني مجموعة الأحياء التي تنشأ على أطراف المدن، حيث يضع البعض أياديهم على الأراضي ويقيمون عليها بيوتًا لا تحتوي في العادة على الحد الأدنى من المواصفات التي تحددها الجهات المسؤولة كشروط للسماح بعملية البناء. هذا هو التعريف العلمي لمصطلح (العشوائيات). في جدة لم تكن هناك عشوائيات، وإنما أحياء سكنية أقرت الجهات الرسمية المعنية أنها مناطق صالحة للسكن. وعلى هذا الأساس تم استخراج صكوك بتملك تلك القطع من الأراضي وتم تخطيطها وطرحها للبيع لمن يرغب في الشراء، ومن ثم البناء عليها. الخطورة في استخدام مصطلح (العشوائيات) هو أنه يحمّل الضحايا جزءًا كبيرًا من مسؤولية ما تعرضوا له من خسائر فادحة تضمنت مقتل العشرات من الشهداء الأبرياء الآمنين في بيوتهم. وهذا ليس عدلاً. فالمواطن غير مطالب بمعرفة مدى صلاحية المخططات المعروضة للبيع وغير مطالب بمعرفة ما إذا كانت هذه المخططات بعيدة عن مصادر الخطر أم لا. هذا ليس دور المواطن، وإنما دور العديد من جهات الاختصاص الحكومية التي يجب أن تصدر موافقة رسمية قبل أن تتحول قطع الأرض الفارغة إلى مخططات لأحياء سكنية مستقبلية. إطلاق مصطلح (العشوائيات) على الأحياء السكنية التي تضررت في جدة هو محاولة للاستخفاف بعقل الشعب.