اللجنة التي أمر بتكوينها خادم الحرمين الشريفين للتحقيق في فاجعة السيول والأمطار على مدينة جدة كانت خطوة متقدمة لتقصّي الحقائق والخروج بنتائج عملية لأسباب الفاجعة. وإن كان تكوين هذه اللجنة قد لاقى ارتياحاً عند الناس، فإن تأكيد مجلس الشورى، الذي يمثّل الناس ويعكس مصالحهم، دعمه أعمال لجنة التحقيق ووضعه جميع إمكاناته وخبرات أعضاء المجلس المتعددة في خدمة اللجنة وأهدافها, يساعد في طمأنة الناس بأن ممثليهم أعضاء مجلس الشورى هم عند حسن ظن وليّ الأمر بهم في أن يكونوا العقول التي تفكّر، والعيون التي ترى والقلوب التي تتسارع للوقوف مع الناس في الكوارث والنكبات. إنّ مجلس الشورى هو السلطة التشريعية التي من أحد أهمّ مهامها مراقبة عمل الجهات الحكومية ومُساءلة القائمين عليها في حال وجود قصور في عمل تلك الجهات والأجهزة على الوجه المطلوب. وما قاله عضو المجلس الدكتور أحمد بن سعد آل مفرح من قيام مجلس الشورى بمناقشة وضع المياه ومشاريع الصرف الصحي بمحافظة جدة - تحديدا - خوفا من أن يصل الوضع إلى ما وصل إليه سواء في وضع تصريف مياه السيول والأمطار أو معالجة ما يعرف ببحيرة المسك، هو أمر متكرر مع التقارير السنوية لوزارة المياه. فلم تخل قرارات المجلس كل عام من بند يشير إلى هذا الأمر ومناقشته باستفاضة مع وزير المياه أو أحد معاونيه، والتحذير من خطورة تفاقم المشكلة إذا لم يتم اتخاذ الاحترازات الضرورية تفاديا لهذه الكارثة «والتي فاقت كل التوقعات والمخاوف، التي أثبتت مع الأسف هشاشة البنية التحتية لمدينة جدة، وأظهرت حجم التواطؤ والفساد الإداري و المالي». (المدينة - 7 ديسمبر 2009). ولا يمنع تكوين لجنة تحقيق في الكارثة تقوم بمهامها التي أناطها بها الملك أن يقوم مجلس الشورى من جهته باستدعاء من يراه وفق نظام المجلس وآلياته للتحقيق في أسباب الكارثة من جهة، ومتابعة عمليات الإنقاذ والترميم القائمة. فمتابعة مجلس الشورى لتداعيات كارثة سيول جدة، وعمل لجنة التحقيق للوصول إلى ما قد يكون هناك من تقصير في تفاقمها على الوجه الذي ظهرت به وراح من جراه خسائر كبيرة في الأرواح والأموال، وفق التوجيه الملكي الكريم بأن «لا أحد فوق المُساءلة»، هو الضمان بأن تخرج النتائج ليس فقط لتحديد المسؤولية عن هذه الفاجعة الأليمة بل لوضع الحلول المناسبة لضمان عدم تكرارها على الوجه البشع الذي ظهرت به.