أحوال الأدب وأخبار الأدباء؛ تتَّجه مِن السّوء إلى الأسوأ.. هُم وأدبهم..! خُذ مثلاً.. في التُّراث القديم كانت «حرفة الأدب» قرينة الفقر، وصديقة التَّعاسة، ولعلَّ أجمل مَن صوّرها ذلكم الشَّاعر القديم؛ حين كان شاعرًا يترجّى الكلاب مِن خلال مدحهم لينال جوائزهم، ثُمَّ بعد ذلك تحوّل إلى جزَّار يبيع اللحم، فأصبحتْ «الكلاب» ترتجيه! هذا في القديم.. أمَّا في العصر الحديث، فيروي الرّواة أن أديبنا الكبير الرّوائي «نجيب محفوظ»، كان ذات مرَّة يعبر الطَّريق، وأثناء عبوره ماشيًا، رأته «راقصة» عاميّة، ولكنَّها ثريّة جدًّا، وتركب سيارة مِن أفخم السيّارات، فما كان منها حين عرفت الرّوائي الكبير؛ إلَّا أن نادت قائلة: (أستاذ نجيب، شايف الأدب عملَّك إيه، وقِلّة الأدب عملتلي إيه؟!) وهي تقصد الفرق في المستوى المعيشي! أمَّا في السعوديّة.. فحال الأدباء حال يُشبه «مال اليتيم»، الذي ضاع بين النَّاس، وأكلت الصَّدقة ما بقي مِن ذلكم المال – الضَّائع - ولا عجب.. فالمال السَّائب يُعلِّم الآخرين السَّرقة! خُذ مثلاً على حال الأدباء، مؤتمرهم الذي يُقام خمس مرَّات في كُلّ قرن.. وسيرته الذَّاتيّة تقول: إنه أقيم أوّل مرَّة في عام 1394ه، وكنتُ حين ذاك في الصَّف الأوّل الابتدائي، ثُمَّ أُقيم الثَّاني في رحاب جامعة أم القرى عام 1419ه، وكنتُ وقتها «للتَّو» قد حصلتُ على درجة الماجستير مِن نفس الجامعة، ثُمَّ ضاع المؤتمر في صراع الوزارات، ونزاع القطاعات، وخلاف الجهات، حتى تناقل الرّكبان خبر إقامة المؤتمر هذا العام؛ تحت رعاية وزارة الثَّقافة والإعلام.. هكذا يُقال ولا ندري عن قيامه، لأنَّ الأدب قد يُؤجَّل في أي لحظة، طالما أنَّه يُشبه «مال اليتيم»، وكفى بالأدب آفة! المُتابع لمؤتمر الأدباء؛ يُدرك أنَّ التجمّع أُقيم حتى الآن 3 مرَّات؛ خلال 36 عامًا، وهذا يعني أنَّه يُقام مرَّة كُلّ 12 عامًا.. وإذا عرفنا أنَّ السنَّة اثنى عشر شهرًا، أدركنا أن عقليّة الأدب شهرها بسنة، ولا عجب في ذلك، لأنَّ الأدباء هُم آخر مَن يهتمّون بالوقت، ويجهلون الحساب والجمع والطَّرح، لأنَّ عقولهم عقول مُزارعين ومجموعة فلَّاحين، وآهٍ.. ما أجمل ما قاله الشَّاعر «إبراهيم طوقان» في هذا الصَّدد: أعداؤنَا مُنذ أنْ كَانوا «صيارفة» ونحنُ مُنذ هَبطنا الأرض زُرّاعُ! قولوا آمين.. اللَّهمَّ أطل عمري في طاعة الله؛ حتّى أعيش لأُدرك مُؤتمر الأدباء الرَّابع.. آمين يارب العالمين!.