يقضي حجاج بيت الله الحرام ماتبقى لهم قبل السفر لبلادهم في جنبات الحرم النبوي الشريف، إذ يتوافد على المدينة آلاف الحجاج العائدين من المشاعر المقدسة على مدار الساعة بعد أدائهم فريضة الحج، ويغادر معظمهم بعد إقامتهم في رحابها عدة أيام ضمن رحلة العمر، ويحرص الزوار من داخل المملكة وخارجها خلال زيارة المدينة على الصلاة في المسجد النبوي الشريف والتشرف بالسلام على الرسول صلى الله عليه وسلم. كما أن الحرص يمتد لزيارة المساجد والمآثر التاريخية التي تزخر بها المدينة، والتي تمثل زخما من المشاعر الروحانية النابعة من الزمان والمكان، وتمثل مقبرة البقيع التاريخية والقريبة من الحرم بالناحية الشرقية، والمشهورة منذ العهد النبوي، والتي تضم رفات زوجات وأبناء الرسول صلى الله عليه وسلم، وما يزيد على خمسة آلاف صحابي، تمثل الأولوية لدى الزائرين. صور ورصد للأحداث وتتخذ باقي المواقع مثل مسجد قباء وشهداء أحد ومسجد القبلتين والمساجد السبعة رأس قائمة المواقع التاريخية، والتي اندثرت أو أزيل كثير منها، ورغم قيام الفنادق وحملات الحج ومؤسسات تنظيم الرحلات بتنظيم زيارات لتلك المواقع، إلا أن كثيرا من الحجاج يحرصون على التواجد بصفة خاصة في تلك المواقع وزيارتها وإلتقاط الصور التذكارية، ويمضي البعض أوقاتا في استلهام رصيد الأحداث من وحي أطلال المكان يجول فيه بناظريه عبر مراجعة نصوص تاريخية مكتوبة حول المكان ومكانته في صدر الإسلام الأول وحقب التاريخ الإسلامي. تكامل بين الفرائض ويرى الكثير من الزوار أن المزارات جزء لا يتجزأ في التكامل بين الفرائض والعبادات، وبين أن تكون تلك المواقع ترجمة للقدوة في صدق صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم، في الطاعة والإلتزام بالأوامر والنواهي والعمل لرفعة الإسلام والذود عنه. برامج هيئة الآثار وتحرص الهيئة العامة للسياحة والآثار عبر برامج متخصصة على زيادة ممارسي نشاط منظمي الرحلات من خلال التأهيل والترخيص وولوجهم هذا المجال الواعد من النشاط الاقتصادي، كما أن تزايد أعداد الحجاج عاماً بعد عام واستناد الإقتصاد في المدينةالمنورة على السياحة المرتبطة بأداء الشعائر الدينية التي يفد إليها سنويا حوالى 9 ملايين زائر، يحتم التوجه نحو تفعيل تنمية سياحية شاملة ترتكز في أولويتها على الساحة الدينية وتنامي الحاجة إلى عناية بالجوانب الخدمية والحضرية لتلك المواقع يتم من خلالها توفير خدمات سياحية جيدة تسهم في استحداث المئآت من فرص التوظيف التي ستتوفر في حال التطبيق، والتي تفتقد في وضعها الحالي إلى المزيد من التنظيم والتأصيل لذاكرة المكان في حياتهم ورحلتهم للأماكن المقدسة، والتي يحرص الزوار على ترسيخها قبل تركهم لها وعودتهم إلى أوطانهم .