ودّعت منى أكثر من 2.5 حاج من مختلف دول العالم بعد ان احتضنتهم على مدى ايام التشريق الثلاثة وسط منظومة من الخدمات الطبية والامنية والغذائية التي قدمتها حكومة خادم الحرمين الشريفين منذ وصولهم الى بلاد الحرمين وحتى توجههم إلى المسجد الحرام لقضاء نسكهم الأخير وهو طواف الوداع في موسم حج هذا العام يأتي ذلك في الوقت الذي أعلن فيه صاحب السمو الملكي الامير خالد الفيصل امير المنطقة نجاح الموسم بكافة المقاييس على الرغم من تسرب اكثر من 700 ألف حاج من المتسللين الذين زادوا في العدد الرسمي هذا العام من داخل المملكة. وبدت "منى" أمس وهي خالية إلَّا من عمال الخدمات والنظافة الذين بدأوا في تنظيف المشعر من اطنان مخلفات الحجيج داخل وخارج المخيمات وهم يودعون آخر المجموعات من الحجاج المتأخرين الذين كان اغلبهم كبار في السن ونساء. وبدأت قوافل الباصات بحملهم من منى ومكةالمكرمة الى المنافذ الرئيسية عبر مطار الملك عبدالعزيز وميناء جدة الاسلامي وغيرهما للتوجه الى بلادهم وقد انعم الله عليهم بتأدية مناسك حج هذا العام. توجسات صحية وعلى الرغم من ان حج هذا العام جاء وسط توجسات صحية بسبب انتشار مرض أنفلونزا الخنازير والتحذيرات التي اطلقتها منظمة الصحة العالمية اضافة الى إحجام بعض الدول عن ارسال حجاجها فإن الواقع في منى التي تقع في بين سفوح جبال حصرتها في مساحة ضيقة لا تتجاوز 750 الف متر مربع جاء مغايراً تماماً إذا نسفت هذه المخاوف على ارض الواقع في ظل الاجراءات الصحية والطبية التي اتخذتها وزارة الصحة بداية من المنافذ في المطارات والموانئ اضافة الى المختبرات ذات التكلفة العالية والتي وصلت الى 4 مختبرات في مكة وحدها ولم تسجل وزارة الصحة سوى 5 حالات وفاة فقط أثناء فترة مكوث الحجاج في مشعر منى وهنا يعلق د. خالد مرغلاني المتحدث الرسمي لوزارة الصحة بأن الجميع كان متخوفا من هذا الوباء خلال حج هذا العام الا ان الثقة في الله ثم في الخدمات الصحية السعودية والتي تضاهي افضل الخدمات الطبية على مستوى العالم دفعت الحكومات والحجاج الى الثقة الكاملة بالاجراءات السعودية وهو ما اشادت به المنظمات الطبية الامريكية خلال موسم حج هذا العام حيث تم لأول مرة استخدام أجهزة لرصد الوباء في المساحات التي تشهد كثافة من الحجاج وتم توزيعها على الطواقم الطبية في مشعري منى وعرفات لرصد الوضع الصحي للحجاج بصفة مباشرة والرفع بالتقارير مباشرة للقيادات الصحية لإتخاذ الاجراء في الوقت والزمان الملائمين وهو ما تكلل بفضل الله تعالى بعدم تسجيل أي حالات وبائية او معدية بين الحجاج. توسعة منى ومشعر منى بحد ذاته يعتبر وادياً ضيقاً تحيط به التلال ويقع في مساحة ضيقة تحده من الجهتين الشمالية والجنوبية جبال شاهقة شديدة الانحدار، كما يحده وادي محسر من الجهة الشرقية. وتقدر مساحة المشعر الشرعية نحو 650 هكتارا، منها 380 هكتارا أراض منبسطة في الوادي، و200 إلى 300 هكتار من سفوح الجبال، ولزيادة استيعاب هذا المشعر تم توسعته بإزالة بعض التلال الداخلة ضمن الحدود الشرعية في منى، وتم في هذا الصدد تهذيب عدد من سفوح الجبال لتوسعة المساحات المستوية وزيادة أماكن التخييم، ولهذا الغرض تم تنفيذ عدد من مشاريع قطع الصخور وبلغت المساحة المستفادة من هذا المشروع 750 ألف متر مربع، وبتكلفة قدرها 200 مليون ريال، كما تم تثبيت الصخور المتفككة بجبال منى في أكثر من 13 موقعاً ولم تقتصر الجهود على هذه التوسعة الشهيرة للمشعر فلحقها مشروع إنشاء جسر الجمرات بشكله الحالي والذي يعتبر مفخرة فنية وتصميمية عالية المستوى تستوعب الاعداد الهائلة من الحجاج أنشئ بتكاليف ناهزت الاربعة مليارات ومائتي ألف ريال اضافة الى مشاريع تصريف الامطار التي اثبتت جدواها اثناء الهطول الكثيف هذا العام على مدى يومين ليضع ذلك "منى" في مصاف المدن المتطورة عالميا في كافة قطاعات البنية التحتية وتصاميمها الخارجية. وتوجت الرقابة الامنية بأكثر من 2000 كاميرا مراقبة لكل شبر في مشعر منى والجمرات لتوفير الامن للحجاج ودعمت منى بمستشفيات ومراكز صحية وشبكة اتصالات وكهرباء تعتبر فريدة من نوعها على الرغم من ان تشغيل هذه المدينة بهذه الامكانيات الهائلة لا يتجاوز اسبوعاً واحداً في كل عام.