وضعت أمطار جدة شركات التأمين في المملكة لا سيما الجديدة منها، أمام اختبار صعب سيظهر مدى قوتها وصمودها تجاه الأزمة، غير أن هذه الكارثة الطبيعية من شأنها رفع أسعار التأمين على الممتلكات، خلال الأيام المقبلة، وإعادة النظر ملياً في مسألة التأمين الإلزامي. وأوضحت مصادر تأمينية أن أضرار أمطار جدة ستثبت مدى قدرة شركات التأمين الجديدة على تجاوز الأزمة سواء على المدى المتوسط أو المدى الطويل، بعد أن تكبدت مصانع ومستودعات خسائر كبيرة بسبب السيول خلال اليومين الماضيين. وفي الوقت الذي أكدت مصادر تأمينية أن نسبة التأمين على الممتلكات في المملكة لم تتعدّ حاجز ال 35 في المائة، أشار عاملون ل"المدينة" أن سيول جدة، أظهرت مدى حاجة مؤسسات وشركات قطاع الأعمال، لإصدار أنظمة تلزمهم بالتأمين على الممتلكات، بدلاً من التعويضات التي طالبوا بها الدولة بعد الخسائر التي تكبدوها، الأمر الذي من شأنه التأثير سلباً على الاقتصاد الوطني وإرهاق ميزانية الدولة. وطالبوا بعض شركات التأمين بتحرك بعض الجهات التشريعية في المملكة مثل مجلس الشورى، ومجلس الوزراء، لفرض التأمين الإلزامي للممتلكات على شركات القطاع الخاص. وزادوا إن قطاع الأعمال في المملكة لم يدرك أهمية التأمين على ممتلكاتهم ضد الأضرار نادرة الحدوث رغم أنها أساس التأمين، لافتين إلى أن هاجس التكاليف وجشع تضخيم هامش الربح يبعد كثيرين من رجال أعمال عن تحمل مسؤولية المحافظة على ممتلكاتهم بما تستحق من قيمة، الأمر الذي وصفوه بالمخاطرة الكبيرة بحق الممتلكات. من جهته توقع العضو المنتدب الرئيس التنفيذي لشركة “ميد غلف” لطفي الزين ل"المدينة"، أن ترتفع أسعار التأمين على الممتلكات بسبب أمطار جدة، مشيراً إلى ان غياب التأمين الإلزامي هو السبب في ارتفاع الأسعار، حيث أكد أن سوق التأمين لن تتأثر أسعاره في حال كان التأمين إلزاميا. وأضاف الزين: أن إلزامية التأمين من شأنها توسيع قاعدة السوق وأصول الشركات، مطالباً في الوقت ذاته مؤسسة النقد السعودي بالتعجيل في دراسة إلزامية التأمين على المشاريع التمويلية. وقال الرئيس التنفيذي لشركة ميد غلف "أن شركات التأمين الضعيفة والتي تفتقد للملاءة المالية ستواجه صعوبة كبيرة في التصدي لمثل هذه الأزمة، وهذا ما يعكس أهمية توسيع قاعدة السوق". من جهته، أوضح رئيس مجلس إدارة شركة «وقاية للتأمين وإعادة التأمين» عبدالله الفوزان ل «المدينة»، أن تكون تأثيرات فيضانات جدة محدودة على شركات التأمين المحلية استنادا على القدرة والملاءة المالية المعززة بقوة مراقبة مؤسسة النقد العربي السعودي التي تعمد إلى توزيع المخاطر بين الشركات القائمة، موضحا أن أغلب شركات التأمين تقدم منتجات تغطي الكوارث الطبيعية لكن الغالبية من عملائها لا يطلبون تلك المنتجات التأمينية الشاملة. ولفت الفوزان إلى أن التأمين على المركبات على سبيل المثال كأحد المنتجات المطلوبة في السوق، دائما ما يكتفي العملاء بالتأمين ضد الغير أو يتوسعون قليلا في نطاق التغطية حسب درجة الوعي التأميني لدى الأفراد أو أصحاب المنشآت وتتمتع شركات التأمين بملاءة مالية كبيرة لمواجهة مثل تلك الكوارث الطبيعية. وأضاف الفوزان: أن سوق التأمين الذي يبلغ حجمه حتى العام الماضي 2008 قرابة 11.2 مليار ريال، يعمل وفق نظام رقابي صارم من قبل مؤسسة النقد العربي السعودي، مفيدا أن هناك متطلبات خاصة تتعلق بإعادة توزيع المخاطر بين شركات التأمين وإعادة التأمين يمثل جزءا من محافظها لدى شركات أخرى إضافة إلى خضوع تلك المحافظ إلى متطلبات أخرى تتعلق بنوعية وجودة تلك المحافظ. وفي اتصال مع "المدينة" أكد الخبير في مجال التأمين فيصل الزيد، أن الخسائر التي تسببت بها الكارثة سترفع أسعار تأمين الممتلكات خلال الفترة المقبلة، في حين أنه من الممكن أن تتكبد بعض شركات التأمين خسائر، تدفعها لرفع أسعارها، باستثناء بعض الشركات ذات الملاءة المالية الجيدة. وأضاف الزيد: أن الممتلكات الواقعة في مواقع خطرة كتلك التي ضربتها سيول جدة، تفرض أسعارا أعلى يعتقد الكثير من العملاء بأنها غالية إلا أنها عادلة وذلك مقارنة بالأضرار الممكن حدوثها. وبين الزيد أن شركات تأمين جديدة لا تملك الخبرة الكافية في التعامل مع مثل هذه الكوارث مما يضعها أمام محك وتجربة قاسية، لا سيما بعد لجوئها لخفض حاد في أسعار التأمين، بهدف جذب العملاء دون أن تقيس أبعاد المخاطر التي من الممكن أن تؤدي إليها مثل هذه الكوارث الطبيعية. وأوضح الزيد أن بعض الشركات ذات الخبرة الكبيرة في السوق السعودي، ستتمكن من تجاوز هذه الأزمة، مرجعاً الأسباب في ذلك إلى معرفتها الكافية بالمناطق ذات الخطورة، وذلك ما دفعها لرفع أسعارها في الوقت الذي شهد تنافساً بين شركات أخرى لخفض الأسعار. وأوضح الخبير أن شركات التأمين تغطي الأضرار التي تتعرض لها الممتلكات بسبب الكوارث الطبيعية، بحسب ما تنص عليه وثيقة التأمين، إذ إن بعض الوثائق تغطيها والبعض الآخر تقتصر على بنود معينة لا تشتمل على أضرار الكوارث الطبيعية.