لم تمنعها تجاعيد وجهها الذي حفرت فيه السنين ملامح الشيخوخة، ولا وهن العظام وصعوبة الحركة الذي تعاني منه من تحقيق حلم العمر بالنسبة لها. لم يكن حلمها مثل أحلام الأخريات، الحصول على مال كثير للشعور بالرفاهية أو بناء منزل من عدة أدوار تتباهى به بين الأخريات. كان حلم الأرملة المغربية فاطمة البيلو 75 عاماً من نوع آخر، عنوانه الوفاء فيما تحقيقه يستلزم قطع أكثر من 6 آلاف كيلو متر بالطائرة، ولكن من أين لها ذلك وتكاليف رحلة الحج من ارتفاع إلى آخر. بعد وفاة زوجها ظلت (البيلو) تحلم بأداء فريضة الحج عن زوجها امتناناً منها له بعد أن عاشت معه أجمل سنوات العمر، ولكن من أين يتحقق لها ذلك ودخلها المادي من معاشه لا يكاد يكفي احتياجات أسرتها الأساسية. لكن الأرملة الوفية لم تيأس وجعلت الحج عن زوجها حلم عمرها الذي يجب أن تعيش من أجله، أيقنت أنها لن تستطيع الوصول إلى الحلم مرة واحدة، فقررت أن تعد لذلك خطة تقضي بأن تقتطع جزءاً من دخل الأسرة حتى تتمكن من توفير التكاليف، استغرق الأمر منها 11 عاماً كاملاً عاشتها والحلم يداعبها تدعو الله صباح مساء أن تتمكن من تحقيقه قبل أن تلقى وجه ربها الكريم. وفي العام الثاني عشر كان الموعد واللقاء على صعيد المشاعر ترد لزوجها جميلاً مما فعله من كريم الأفعال والمواقف معها. تقول فاطمة إنها أسعد إنسانة في الكون حالياً بعد أن مدّ الله في عمرها لتحقيق أمنيتها وأمنية زوجها. تركت «فاطمة» وأنا سعيد بهذا الوفاء النادر هذه الأيام.