حين ترصد المشهد لحراك ضيوف الرحمن تجد أنه في بعض جوانبه يشهد نوعاً من طرفي موقف.. موقف يقوم على حفظ الأنظمة ويبذل جهوده لتنفيذها والعمل بها وموقف يحاول اختراق بعض الأنظمة. أكثر من مشهد رصدناه على هذا النحو أثناء تحركات الحجاج بدءاً من نقاط الفرز على مداخل مكةالمكرمة التي يحاول البعض ممن لا يحمل تصريح حج النفاذ منها بالالتفاف عليها والتقطنا أكثر من صورة لطرق رملية وجبلية وسيارات ومتسللين. وفي نقاط الفرز في مداخل المشاعر المقدسة كان هناك تنفيذ شديد يمنع دخول أي سيارة لا تحمل تصريحاً وأي سيارة تقل حمولتها عن 25 راكباً، وتجد ان هناك عرقلة لحركة السير وصفوفاً طويلة، تمتد أحياناً إلى أكثر من 2 كيلو متر وسببها أولئك الذين لا يحق لهم الدخول إلى المشاعر المقدسة وتجدهم أيضاً يحاولون الإقناع الشديد وأحياناً يبحثون عن مخارج أخرى ينفذون من خلالها. واليوم نرصد مشهداً ثالثاً لا يقل خطورة وكان سبباً في زيادة أثر أحداث الجسر في الأعوام السابقة وهو الأمتعة التي يحملها معهم الحجاج. الأمن يقف بصرامة شديدة لمنع دخول الأمتعة إلى جسر الجمرات. مجموعة من الحجاج رجالاً ونساءً كانوا يحملون أمتعة كثيرة على ظهورهم وفي أيديهم ويسيرون بتثاقل شديد على جسر الجمرات، وكادوا أن يهلكوا أنفسهم بين الجموع وهم على هذه الحالة. أوقفهم رجال الأمن المكلفون بمتابعة هذه الظاهرة.. أفهموهم بوضع أمتعتهم في أي مكان، والتخلص منها حرصاً على سلامتهم لكن أصروا على الدخول بأمتعتهم، والمنع كان صارماً والحجاج كانوا يحتجون بقوة وفي عمق هذا المشهد دخلت (المدينة). أحد الأمنيين (رفض ذكر اسمه) قال: إننا نتقبل انفعالات الحجاج ونتعامل معها بمرونة، وهم عندما يجادلون بهذه الحدة لا يفهمون حقيقة خطورة الأمتعة. وقد قال الطبيب محمد السيد الذي كان بجوار الموقع داخل عربة إسعاف: إن الأمتعة تزيد الحجاج ثقلاً قد يؤدي إلى سقوطهم وبالتالي تعرّضهم للمخاطر وأضاف بأن حالة الإعياء التي يكون عليها الحاج، المسافة الطويلة التي يقطعها ما بين نقاط تفريغ الحافلات وبين الجسر تجعلهم يتعرضون لإجهاد كبير، فإما يأخذه الإعياء وإما يكون عرضة للسقوط نتيجة لإنهاكه، ولذلك فالمنع الأمني يتماشى تماماً مع المقتضى الصحي. الحاج عمرو محمد 35 عاماً الذي كان الأكثر انفعالاً والذي كاد أن يتشابك بالأيدي قال: إن أمتعته تحتوي على أشياء ثمينة وعندما سألناه لماذا لم يتركها في المخيم سكت. بينما علل محمد عبدالله وهو سعودي بأن حقيبته يتحمّلها رغم ثقلها لأنها تحتوي صوراً وأغراضاً خاصة ومستندات ووثائق رسمية ومجوهرات موضحاً انه لم يأمن عليها في مخيم الحملة لعدم وجود صندوق للأمانات. والأمر ذاته يطالب به الحاج حسين عبدالقيوم من أن يكون هناك صناديق للأمانات داخل الحملات بينما قال علي العسيري والذي كان يتعاون مع صديقه في حمل كيس ثقيل: لا يمكن أن نترك أمتعتنا هكذا في الشارع لماذا لا يكون هناك مواقع للأمانات في منطقة الجسر وتنظم بشكل جيد وتكون هذه ضمن منظومة الخدمات التي تقدمها الدولة لضيوف الرحمن. الشيخ عبدالله عبدالرحمن أحد رؤساء مراكز التوعية التابعة لوزارة الشؤون الإسلامية أسهم في إقناع الحجاج الذين تجاوز عددهم في تلك اللحظة خمسين شخصاً.