دفعه الشوق إلى الحج الذي أجلته بلاده هذا العام إلي التفكير ملياً في كيفية أن يروي عطشه لرؤية الكعبة المشرفة والتعلق بأستارها كما فعل غيره من أبناء قريته. لبيك اللهم لبيك، كانت تحرك شرايين الحب للمشاعر المقدسة في قلبه حتى بات كل همه قبل عام أن يكتب الله له أداء الفريضة. ولكن جاءت الرياح بما لا تشتهى السفن بالنسبة للحاج محمد الواعر تونسي الجنسية إذ أجلت بلاده هذا العام الحج بسبب أنفلونزا الخنازير. بكى محمد للأمر كثيراً، ورغم محاولات زوجته وأقاربه تهدئة خاطره بالقول له إن الله لم يكتبها له هذا العام وأن عليه أن يكون مستعداً لذلك العام المقبل. كان طوفان الحب والشوق يدفعه دفعاً لأن يكون بين قوافل الحجيج، وكان على ثقة بأن الله سييسر له الأمر عاجلاً أو آجلاً. عاش محمد أياماً من الحزن والترقّب لعل الله ييسر له أمراً وبينما هو على هذا الحال رأى في المنام أن الله كتب له الحج هذا العام. التقط محمد البشارة وتحرك كالملهوف نحو هدفه بالحصول على تأشيرة إلى دولة مجاورة ومنها يتجه إلى الحج وبالفعل تم له ما أراد. التقيت محمد في منى ليلة السابع من ذي الحجة وقد بادرني قائلاً والدموع تغالبه: «أعيش فرحة العمر الآن، كأنني وُلدت من جديد قبل بدء المناسك». وأضاف: قراري بالحج هذا العام مهما كلفني الأمر اتخذته في شهر يناير الماضي بعد أن قدمت لأداء العمرة وعشت أجواء غاية في الروحانية. وعندما جاء قرار منع الدولة التونسية لمواطنيها من أداء الحج خوفا من أنفلونزا الخنازير رفضت أن أتراجع وأصررت على الحج مهما كلفني ذلك من تكاليف مادية. ويضيف الواعر حرصت على القدوم مبكراً إلى المشاعر للتعرف عليها بشكل دقيق وأملّي عيني منها جيداً مضيفاً أنه لم يتخوّف للحظة واحدة من أنفلونزا الخنازير.