معرفة هل الأشخاص المحيطين بك ناضجين عاطفياً أمر مهم في بناء واستمرار العلاقات لكن الأهم من ذلك هو معرفة نفسك هل وصلت إلى مرحلة النضج العاطفي؟ ماهو النضج العاطفي؟ الاستمرار مع الأحداث بوضعية الواثق مهما كانت وكيفما سارت، التصدي للتقلبات والأحداث ومعرفة أن كل ما تمر فيه هو أمر حتمي لكن بالرغم من ذلك أنت ما زلت على قيد الحياة.. فالشخص الناضج عاطفياً يدرك أن كل ما يواجهه من ردات فعل أو أفعال صادرة من الآخرين وإن كانت سيئة هو أمر فطري مزروع في كل إنسان وهذا الأمر لا يمكن أن يفسد عليه علاقته أو يحطم ثقته بنفسه بل ذلك يبني داخله الإدراك ويعزز لديه التأثير الهائل بالتجاوز للأشياء الصغيرة وغير المهمة وبالتالي يتعلم ألا يقوم بأي ردة فعل استباقية لأي موقف.. وهذا ما يسمى بالسلام الداخلي. أن تكون ناضجاً عاطفياً هو أن تعي.. ومعنى تعي أن تكون واعياً بعقلك وقلبك وبشكل ملحوظ لما ستقوم به من أفعال وبها تُقيس أخطائك وبشجاعة كبيرة تقوم بخطواتك الواثقة وغير المترنحة نحو الصواب، الإعتذار، المحاولة وبشكل صادق دون الشعور بأي نقص أو زعزعة داخلية. أن تتعلم أن تكون واثق من نفسك ليس لاستيعابك أنك إنسان عظيم، ولكن بعقل يستوعب أنك سترى آخرين كانوا بنفس التوهان الذي أنت فيه (منهم من نجا بعواطفه وتجاوز.. ومنهم من هوى في اتباع الهوى الزائف) لأننا جميعاً في حياتنا نرتجل أفعالنا بالغالب حتى نرى بوضوح الطريق الذي نريد الوصول إليه.. وعلينا التقبل والاستمرار. ومن أبرز سمات النضج العاطفي التسامح مع كل شيء حولك، حتى لو أخذ منك وقتاً فأنت بمحاولتك قد نلت شرف المحاولة.. لا بأس إن تخليت عن المثالية في جميع جوانب حياتك.. في الحقيقة لا يوجد أشخاص مثاليون.. في المقابل اقتنع داخلياً وبتقدير كامل لنفسك أنك وإن مريت بضغوطات محبطة قد أديت رسالتك الإنسانية وأن تكون صديق نفسك وتحاسب نفسك نعم، لكن دون جلد الذات على أخطائك، فأنت حتماً وبكل الأحوال ستكون مرتاحاً بما فيه الكفاية. وأخيراً.. أبرز سمة قريبة للقلب هي أن تتعلم كيف تكون هادئاً، وأكثر صبراً، وأكثر مسامحة.. أو يمكنك أن تبدأ من (أقل نفاذاً للصبر، أقل جموداً، أقل غضباً). ختاماً: لنعلم أن البشر هم ليسوا ملائكة مُنزهين وأن في كل شخص عيوب ولكن مع كل عيب يرتبط به مزايا، فمثلاً: فلان غير منظم لكنه مبدع ومبتكر.. عصبي لكنه موجود بجلادة في الأزمات، بمعنى أن كل عيب يختبئ بداخله ميزة تغفر ذلك العيب لنتعايش معاً بفطرة سليمة وقلب مرتاح يستطيع التجاوز، ولنفهم أن السعادة مرتبطة بالنضج العقلي الذي بدوره يؤدي إلى النضج العاطفي. حتماً سنشعر بالرضا والقناعة في كل يوم سيمر بنا.. وسنستمتع بالحياة، ولنركز بشكل أكبر على مسببات البهجة لنطور ذائقة استشعار جمال الملذات الصغيرة لدينا.