لا يرد اسم (صقر) بين أهل جنوب المملكة إلا ويتوارد اسم عائلة (بن صقر) إلى الأذهان.. وهذه الأسرة الكريمة أنجبت شيوخاً رموزاً وعلماء أفاضل وإداريين بارزين.. الشيخ سعيد -يرحمه الله- وهو والد أستاذي أحد أبرز شيوخ قبائل غامد وزهران.. عاصر الملك المؤسِّس -يرحمه الله رحمة الأبرار- والتحق به وهو يحاصر مدينة جدة.. وقال لي أنه رأى في الملك عبدالعزيز زعيماً عربياً مسلماً بما يمتلك من حبّ لشعبه وأمته.. والملك عبدالعزيز يرحمه الله من جانبه رأى في سعيد بن صقر نجابةً ونخوةً فولاه مشيخة بني ظبيان، إحدى قبائل غامد. للشيخ سعيد ثلاثة أبناء أفذاذ أكبرهم أستاذي صقر الذي فقدناه في يوم الخميس السادس عشر من شهر صفر 1443ه وصلى الناس على جنازته بعد صلاة الجمعة السابع عشر من شهرنا الجاري في المسجد الحرام بمكةالمكرمة ودُفِن في مقابر المعلاة، وأسأل الله أن يجزيه خير الجزاء عن طلابه وعنِّي وعن كل من استشاره أو طلب نصيحته. تتلمذتُ على يديه -غفران الله له- في مدرسة بني ظبيان بقرية عرا.. وتعلمتُ منه المثابرة وفهم النصوص وحسنِ المنافسة.. ورأيته مراراً في حضرة والده -غفر الله لهما- يجلس في خشوع، يسأل بأبلغ وأرق العبارات، يرد على أسئلة والده بأدب، يذكر الله كلما جلس أو قام من مجلسه، ويحب العلم وطلابه ويحترم العلماء. كان لي رئيساًً وعملتُ معه لسبع سنوات كان هو وكيلاً لمدرسة بني ظبيان وكنت مدرساً فيها.. يأتي للمدرسة مبكراً، ويحيي كل مدرس وكل من يعمل بالمدرسة. يحضر الطابور الصباحي، يبذل نصحه لكل طالب ويوجه تعليماته لكل مدرس بكل وضوح.. ما غرَّته علاقته بوالده الشيخ ولا ثقة مدير المدرسة فيه.. تسمعه يردِّد عبارة (استغفر الله) كلما أقبل علينا أو على ضيوفه وكلما قام من مجلسه.. وسمعت، نفس العبارة منه بعد تقاعده بسنوات عندما تشرفت بزيارته في منزله. لا يتدخل في شأن معروض على والده، ولا في أمر يخص مدير المدرسة.. كان حقاً يؤمن بحرية كل إنسان ولكنه كان يعرف يقيناً أن (حرية) كل شخص تنتهي عند حديث الآخر أو عند مسؤوليته. عهدته يصوم شهر رمضان في مكةالمكرمة في كل عام حتى أقعدته الشيخوخة.. لا يتقدم على أي واحد من كبار أسرته.. بذل رعايته وتوجيهه لأخويه فيصل -يرحمه الله- وعبدالعزيز يحفظه الله.. هو أستاذي تبع والده في كل ما أوصى وحاكاه في ثبات القول وأكاد أجزم بأنه حاكى والده حتى في طريقة تعامله مع الناس بل وحتى في نبرات صوته.. في آخر اتصال لي به قبل عامين اعتذرت إليه عن تقصيري في عدم موالاة الاتصال به وفاجأني بقوله الحسن: ما فيك تقصير يا أبا محمد! وإذا كنتُ فقدتُ في الشيخ صقر بن سعيد معلماً وناصحاً وأخاً كبيراً فإن لي شقيقه معالي الدكتور عبدالعزيز بن صقر وفي أبنائه الدكتور سعيد والدكتور عبدالعزيز والأستاذ إبراهيم خير عزاء فهم -مثل بقية آل صقر- يتحلون بنفس الأخلاق الحسنة التي عرفتها في عميد الأسرة وشيخ القبيلة الشيخ سعيد (أبو صقر) ابن عبدالعزيز بن صقر. عزائي أقدمه لأسرة (ابن صقر) وفي مقدمتهم الوجيه المعروف الشيخ عثمان بن عبدالعزيز بن صقر، وشيخ القبيلة الحالي الشيخ عثمان بن عبدالله بن عبدالعزيز بن صقر، وأعزي أولاده وأفراد أسرته جميعاً.. وأعزي فيه جميع طلابه وجميع من عرفه وأوصي نفسي وأوصيهم بتقوى الله وبالدعاء له ولوالديه. كثيرون مدحوا أستاذي في حياته -يرحمه الله- ومنهم صديق الأسرة ابن عمي الأستاذ الشاعر علي دغسان أبو عالي حيث قال مخاطباً والدهم الشيخ سعيد بعد موته (يرحم الله الجميع): ليت عينك تناظر يا سعيد وتشاهد ولدك (عبدالعزيز) وترى التعليم والتنظيم (فيصل) وتلاحظ سيدهم (صقر الصقور)