فيما انخرطت حركة طالبان في ترتيب أوضاعها وأوراقها لحكم أفغانستان، والتلويح بالإعلان عن إقامة «إمارة إسلامية» تتمهل أوروبا، وتبرر واشنطن مواقفها الأخيرة، ملقية باللوم على الجيش الافغاني ، وتسارع الصين بإبداء نية الاعتراف، وتلمح موسكو بالجلوس، وتنضم المستشارة الألمانية لتبرير أو توضيح الانسحاب الأمريكي قائلة إن أسباب سياسية داخلية، أمريكية ساهمت في قرار سحب القوات الغربية من أفغانستان. وفيما ناشد الأمين العام للأمم المتحدة غوتيرش قادة الحركة باحترام القانون الدولي، وألا تتحول الدولة إلى ملاذ آمن للإرهاب، أجمعت كلمات مندوبي دول العالم في مجلس الأمن على تأمين ممرات للهاربين الخائفين، واستقبال اللاجئين، وعدم ترحيل من سبقوهم في السنوات الماضية، وحماية المؤسسات الإنسانية، والمدنيين، خاصة من الأطفال والنساء. على الأرض أعلنت هيئة الطيران المدني الأفغانية أمس إفساح المجال الجوي الأفغاني أمام الطائرات العسكرية والطلب من كافة الرحلات المدنية تجنّبه. وفي أعقاب ذلك، أعلنت لوفتهانزا، مجموعة الطيران الأولى في أوروبا، إضافة إلى شركة «اير فرانس» تجنّب تحليق طائراتهما فوق أفغانستان «حتى إشعار آخر». وأشارت شركتا «بريتيش ايروايز» و»فيرجن أتلانتيك» أيضًا إلى أن طائراتهما «لن تحلّق بعد الآن في المجال الجوي الأفغاني». وفي إشعار «نوتام» الموجه إلى شركات الطيران، أوصت هيئة الطيران المدني الأفغانية «الطائرات العابرة (في المجال الجوي الأفغاني) بتغيير مسارها». وأضاف «كل عبور في المجال الجوي لكابول سيكون خارجًا عن السيطرة». وأشارت لوفتهانزا في بيان تلقته وكالة فرانس برس، إلى أن «كل شركات الطيران التابعة للمجموعة تعلّق تحليقها فوق أفغانستان حتى إشعار آخر». ولفتت المجموعة إلى أن «هذه التدابير تهدف إلى ضمان سلامة الطيران». فوضى عارمة في مطار كابول باتت أفغانستان أمس في قبضة طالبان مع انهيار القوات الحكومية وفرار الرئيس أشرف غني من البلاد، فيما احتشد آلاف الأشخاص يائسين في مطار كابول لمحاولة الهرب وسط حالة من الفوضى العارمة. وأثار الانتصار الخاطف للمتمردين الذين احتلوا مساء الأحد القصر الرئاسي في كابول، حالة من الذعر شهدها مطار العاصمة، نقطة الخروج الوحيدة من البلاد، إلى حيث تهافتت حشود لمحاولة الفرار من النظام الجديد الذي تعهدت الحركة الإسلامية المتشددة بإقامته بعد حرب استمرت عشرين عامًا. وأظهرت مقاطع فيديو انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي مشاهد فوضى عارمة في المطار حيث يحتشد الآلاف على المدرج نفسه فيما تتمسك مجموعات من الشباب بسلالم الصعود إلى الطائرات. وأطلقت القوات الأمريكية النار في الهواء لمحاولة ردع الحشود التي لم تقنعها وعود طالبان وتأكيداتها بأنه لا ينبغي أن يخشاها أحدٌ، وفق ما أفاد شاهد لوكالة فرانس برس مقرًّا بأنه يشعر «بخوف شديد». وقال شاهد آخر عمره 25 عامًا عرف عن نفسه باسم مستعار هو أحمد سقيب، «نخاف أن نعيش في هذه المدينة ونحاول الفرار من كابول». وأضاف «قرأتُ على فيسبوك أن كندا تقبل طالبي لجوء من أفغانستان. آمل أن أكون من بينهم. بما أنني خدمتُ في الجيش، فقدتُ عملي، وأصبحتُ معرضًا للخطر بمجرد أن أعيش هنا لأن متمردي طالبان سيستهدفونني، هذا مؤكد». وشهدت العاصمة هدوءًا. وكانت الشوارع أقلّ اكتظاظًا من اليوم السابق فيما كان متمردون مسلّحون يسيّرون دوريات كثيفة فيها، ويقيمون نقاط تفتيش. وأكد أحد المتحدثين باسم طالبان سهيل شاهين أن الحركة أبلغت مقاتليها أنه «لا يُسمح لأحد بالدخول إلى أي منزل بدون إذن». على حسابات مؤيدة لحركة طالبان على موقع تويتر، تفاخر المتمردون بأنهم استُقبلوا بحرارة في كابول وبأن الفتيات سيعدنَ إلى المدرسة اعتباراً من الاثنين، كما جرت العادة. وأشاروا أيضاً إلى أن آلاف المقاتلين يتوجهون إلى العاصمة لإعادة الأمن والنظام. أخطاء ارتكبها البنتاغون ساهمت في انهيار الجيش الأفغاني سلّط الانهيار السريع للجيش الأفغاني الذي أتاح لعناصر حركة طالبان السيطرة على البلاد خلال فترة وجيزة، الضوء على الأخطاء التي ارتكبتها وزارة الدفاع الأمريكية «البنتاغون» على مدى عقدين من الزمن، على رغم إنفاقها مليارات الدولارات على القوات المسلحة المحلية. وأنفقت الولاياتالمتحدة 83 مليار دولار في محاولة لبناء قوات مسلحة أفغانية حديثة تكون على صورة جيشها. لكن في الشق العملي، تم الاعتماد بشكل كبير على المساندة الجوية وشبكة اتصالات متطورة في بلد لا يمكن سوى لثلاثين بالمئة من سكانه التعويل على توافر فاعل للطاقة الكهربائية. زوّدت واشنطن الجيش الأفغاني بمعدات مثل الطائرات (العسكرية والمسيّرة) والمروحيات والعربات المصفحة والمناظير المخصصة للرؤية الليلية، وصولاً إلى تزويده في الآونة الأخيرة بالنسخة الأحدث من مروحيات «بلاك هوك» الهجومية. لكن عناصر القوات الأفغانية الذين يفتقد العديد منهم للخبرة في بلاد لا تمتلك البنية التحتية اللازمة لدعم معدات عسكرية متطورة، لم يتمكنوا من إبداء أي مقاومة جدية في مواجهة عناصر طالبان الأقل منهم عددًا، والذين يملكون تجهيزات عسكرية أقل شأنًا. ووفق محللي وست بوينت، كان 60 بالمئة فقط من الجيش الأفغاني من العناصر المدرّبين. وخلصوا إلى أن التقدير الأكثر دقة للقوة القتالية للجيش الأفغاني هو عند 96 ألف عنصر فقط، اذا ما استثني عناصر القوات الجوية الذين يبلغ عددهم ثمانية آلاف. ويرى السفير الأمريكي السابق في كابول رونالد نيومان أن جيش بلاده كان يمكنه «أخذ وقت أطول» للانسحاب من أفغانستان. والأسوأ من كل ذلك، هو أن رواتب الجيش الأفغاني تم تسديدها من قبل البنتاغون على مدى أعوام. لكن منذ تم الإعلان عن نية الانسحاب في أيار/مايو، باتت مسؤولية هذه الرواتب تقع على عاتق الحكومة الأفغانية. اجتماع لوزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي اليوم.. بكين جاهزة ولندن تعتبره فشلاً يعقد وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي اليوم اجتماعًا عبر الفيديو لمناقشة الوضع في أفغانستان، حيث تسرّع الدول الغربية عمليات الإجلاء، وفق ما أفاد دبلوماسيون لوكالة فرانس برس. وتحاول دول أعضاء في الاتحاد الأوروبي على وجه السرعة إجلاء دبلوماسييها ورعاياها من كابول، حيث سيطرت حركة طالبان الأحد على السلطة بعد هجوم خاطف لم تصمد أمامه القوات المسلحة الأفغانية. الصين تبدي استعدادها لإقامة «علاقات ودية» أبدت الصين التي تتشارك حدودًا مع أفغانستان تمتدّ على 76 كلم، استعدادها الاثنين لإقامة «علاقات ودية» مع حركة طالبان، غداة سيطرة المتمردين على كابول. وأكدت متحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية هوا شونيينغ أمام الصحافة أن بكين «تحترم حق الشعب الأفغاني في تقرير مصيره ومستقبله»، وأضافت أن متمردي طالبان «عبروا مرات عدة عن أملهم في تطوير علاقات طيبة مع الصين». لندن تعتبر أن عودة طالبان «فشل للمجتمع الدولي» وصف وزير الدفاع البريطاني بين والايس أمس عودة حركة طالبان إلى الحكم في أفغانستان بأنها «فشل للمجتمع الدولي» معتبراً أنه «ليس الوقت» المناسب للاعتراف رسميًا بطالبان كحكومة. واعتبر الوزير الذي سبق أن انتقد علنًا الأسبوع الماضي القرار الأمريكي بالانسحاب من أفغانستان، عبر شبكة «بي بي سي» أن ما حصل «فشل للمجتمع الدولي الذي لم يفهم أن الأمور لا تُحلّ في ليلة وضحاها». لكنّه أكد أن الالتزام البريطاني في أفغانستان الذي كلّف 457 جنديًا بريطانيًا حياتهم خلال 20 عامًا من التدخل، «لم يذهب سدى».