قال الأديب والكاتب المسرحي وليم شكسبير «الدنيا مسرح كبير، وكل الرجال والنساء ما هم إلا ممثلون على هذا المسرح».. الحياة كخشبة المسرح؛ تحمل فوقها أفواجاً من الأدوار المسرحية الزائفة، فالكثير وقف على خشبة (الحياة) وأدّى أدواراً مسرحية لا تُناسب روحه ولا تتناسب مع فكره وفقاً لرغبات الجمهور ناسياً تقمّص دوره الحقيقي عليها، وهناك من تفنَّن بالتنقُّل بين أدواراً مُصطنعة من النفاق الاجتماعي والتملّق السريع للوصول إلى البطولة المبتذلة على تلك الخشبة البالية، وفئة كبيرة من البشر كان دورهم الوحيد هو الجلوس والمشاهدة الناقدة للمسرحية والتصفيق الحار عند انتهائها! والناجي مَن تمرّد على تلك الخشبة واختار الحياة الحقيقية التي يستحقها ولم يكترث لرأي الجمهور أو تصفيقهم وعاش كما يُحب بعيداً عن اضواء الشهرة غير مُكترث بالدنيا وزخرفها. وأجاد وصف الحياة الحقيقية الكاتب المسرحي جان بول سارتر حين قال «نحن أولئك الممثلون الذين دُفِع بهم إلى المسرح دون إعطائهم دوراً محدداً، دون مخطوطة في اليد، ودون ملقِّن لهم بما عليهم أن يفعلوا، إنّ علينا وحدنا أن نختار كيف نعيش حياتنا». إذاً فحياتك كقصة مسرحية بين يديك؛ أنت مَن تختار نصها وتحدد فصولها وتُشكِّل حبكتها وأحداثها وشخصياتها؛ بل أنت مخرجها ومنتجها وبطلها؛ وإن كانت تلك الحياة محصورة على خشبة القَدَر إلا أنك قادر على حشو فصولها بالأفكار الواعية والأخلاق النافذة ودفع عجلتها نحو تحقيق «الحياة الحلم» التي تتوق إليها، فاجعل احداثها مُبهرة ونهايتها سعيدة وكما تُحب أن تكون، اكتب كل فصل في قصتك بشكل جميل وإن صعب تحقيقه، وتمرحل في فصولك العمرية وعِش كل مرحلة من عمرك بشكل كامل واشبع احتياجاتها واستمتع بتفاصيلها ونضجها، ولا تنتقل للفصل التالي إلا وأنت مستقل تماماً ومُشبَع منه واختمه بنهاية جميلة وذكريات فريدة.. وانتقل إلى فصل جديد مكتظ بالجوانب الغامضة التي تبحث عن روح الاكتشاف ومهارة التذوق وشغف المعرفة والمغامرة، وتأكد وأنت تعيش أحداث قصتك المسرحية أنها ستنتهي وستغلق ستائرها يوماً ما، وبما أن النهاية الحتمية لنا جميعاً هي الموت إذاً فلنُمثل الفرح ولنعِش حياة كاملة مُبهجة التفاصيل، مُبتسمة الملامح، تتغنّى بنا وتُراقص أرواحنا وتُشعِل الشموع في زوايانا المُظلمة، فصولها الرقص والغناء والفرح، وحبكتها الإثارة والأناة والتأمل، فما زالت الحياة تخبئ لنا الكثير قبل اسدال ستائرها الغامضة.