مجرد العناق والمصافحة الحارة!، هكذا عبرت أو حددت الملكة البريطانية إليزابيث في رسالتها السنوية بمناسبة احتفالات عيد الميلاد ما يريده الكثيرون كهدية هذا العام، مؤكدة أن الملايين لن يتمكنوا من الاستمتاع باحتفالاتهم المعتادة باستقبال العام الجديد. وتمضي تقول: «بالطبع بالنسبة لكثيرين، هذا الوقت من العام سيشوبه الحزن والحداد على فقد أحباء لهم. وآخرون سيفتقدون أصدقاءهم وعائلاتهم بسبب المسافات التي تفصلهم كإجراءات سلامة بينما كل ما يريدونه حقاً هو معانقة فحسب أو مصافحة حارة». أتصور مشهد البشر وعلى وجوههم مشاعر التوتر والانتظار المختلط بالحزن والقلق!، وتصور مشهد آخر لبشر آخرين، تعتريهم تزكية الروح ورفعة النفس والشعور بالألفة وبالحب!. والحق، إن العناق والتصافح الحار على أهميتهما بل وجمالهما أحياناً، لم يعودا في هذا العصر مقياساً للحب، فكم من أناس تعانقوا وتصافحوا ولم يحبوا ولم يصفحوا ولم يتسامحوا!، ثم ما قيمة أن يعود العناق فيما تشتد القسوة والغلظة، ويسود العالم من حولنا العنف والإرهاب والاحتراب؟!، ما الذي يفيد اذا انطلقت الأنغام وراح القوم يرقصون بل يتراقصون فيما يعزف العالم من حولنا معزوفة الخراب؟!. تذكرت وتأملت وتعجبت من قول الرافعي»إن كل لذة الحب، وإن أروع ما في سحره، أنه لا يدعنا نحيا فيما حولنا من العالم، بل في شخص جميل ليس فيه إلا معاني أنفسنا الجميلة وحدها، ومن ثم يصلنا العشق من جمال الحبيب بجمال الكون، وينشئ لنا في هذا العمر الإنساني المحدود ساعات إلهية خالدة، تشعر المحب أن في نفسه القوة المالئة هذا الكون على سعته. إن من لطف الله بالإنسان أن أودع فيه قوة التخيُّل، يستريح إليها من الحقائق المحزنة والمؤسفة والمرعبة هذه الأيام؛ ويحب حتى دون أن يرى من يحب، فإذا ضجر أهل الخيال من الخيال، لم يُصلحهم إلا الحب!. أعرف أن لكل أمة حكاية تراثية أو رمزية تحكيها وتحاكي بها الأجيال، لكننا لم نتصور أن يأتي العام الذي ستصبح الأمم في الدنيا كلها من شرقها لغربها ومن شمالها لجنوبها حكاية واحدة! غابت الفرحة العامة، والبهجة المشتركة، وحب الخير للجميع.. شيئاً فشيئاً يتوارى الحب.