هذه العبارة اللامعة لا تعني لزاماً أن كل إنسان قد حقق الإبداع والتميز فعلاً، ولكن مضمونها أن كل إنسان يولد ومعه بذرة الإبداع والتميز في مجالٍ ما، فإما أن ينميها ويطورها وإما أن يتجاهلها ويهملها فتموت وتدفن.. فملكة الإبداع والتميز تولد مع الإنسان وتتشكل بأشكال عدة تأثراً بالعوامل الاجتماعية من حوله، فهذه العوامل تؤثر تأثيراً بالغاً في تكوين آلة الإبداع والتميز لدى الشخص وبطريقة فريدة، بمعنى أن كل إنسان يمتلك بصمة مميزة في تفكيره وتفسيره وتعبيره عن الأشياء والمواقف والأحداث الجارية في الوسط المحيط به، ويختلف كذلك في طريقة تعامله معها، بيد أن ضروب الإبداع تتباين من فرد إلى آخر فيغدو الإبداع دالاً على ما هناك من فروق فردية بين الأفراد. فالإبداع، كما يذكر عنه فرويد: «أنّه كامن داخل كل فرد، لكن خروجه يُعزَى لأسباب عديدة...». لذلك فالمقولة الدارجة ان المعاناة وبصماتها هي وحدها التي تصقل الروح أو أنها هي لا غيرها من تجعل الشخص أكثر تميزًا وابداعاً أو أن الشخصيات المميزة هي التي تولد من رحم المعاناة فحسب، هذه مقولة اختزلت الإبداع والتميز بألم ويتم ودمع وشقاء لا غير، ووضعته في إطار ضيق محدود.. فإذا كانت المعاناة تصقل التميُّز والإبداع فإن الفرح والإبتهاج يفجّره؛ فالتميز والإبداع ليس مقصوراً على من ذاقوا المعاناة والبؤس فقط، فلا إبداع في رأيي دون توازن نفسي واستقرار، أمّا ربط الإبداع والتميز بالمعاناة واقتصاره عليها دون غيرها فهو تصور خاطئ في نظري.. فكل انسان فيه بذرة الابداع علمها من علمها وجهلها من جهلها.. هذه خاتمتي ودمتم.