أجبت في مقال سابق عن سؤال «لماذا تتباين الأعراض لمصابي كورونا»، وقد اتضح للناس بعض من أسباب ذلك علمياً. واتصل بي وأرسل الي عدد كبير من القراء يسأل هل الفحص الايجابي يعني دائماً وجود الفيروس في الجسم؟ وأن من فحصهم يكون إيجابياً ومسحتهم تكون نتيجتها إيجابية.. هل هم مستمرون في أنهم ينقلون العدوى وأنهم خطرون؟ بل أبعد من ذلك لماذا هناك من تستمر معهم المسحة إيجابية لفترة أطول من أسبوعين (قد تصل الى شهرين)؟. في البداية يجب أن يتقرر في أذهاننا أن المسحة الايجابية لا تعني أبداً ظهور أعراض بل يعدي (يمر ) فيروس الكورونا وكأن شيئاً لم يكن، ووضحنا الاجابة في مقالتنا السابقة لماذا يكون ذلك، ونوضح في مقالنا هذا أن المسحة عندما تكون ايجابية أن الاصل في ذلك هو بسبب وجود الفيروس لكن في حالات أخرى ليس شرطاً ان يكون صاحبها حاملاً للفيروس لانها قد تكون إيجابية بسبب وجود أثر من آثار الفيروس أو أحد مخلفاته وليس الفيروس نفسه أو قد يكون بسبب حساسية التقنية المستخدمة أثناء أدائها فكيف ذلك؟. إن الجسم يخوض معركة بين الخلايا المناعية -الحامية له باذن الله- وفيروس كورونا كوفيد 19 والتي لا تنتهي ولا تقف عند حد حتى يعلن الفيروس عن هزيمته وخروجه ذليلاً يجر خلفه أذيال هزيمته او لاقدر الله يحقق انتصاراً . إن من المقرر بيولوجياً انه أثناء المعركة تتناثر بين الخلايا وفِي الجسم وأنسجته آثار من آثاره وآثار من آثار الخلايا نفسها التي دارت معركته معها وهذه الآثار يطلق عليها الحويصلات بين الخلوية وهي متعددة الأنواع ولكن من أهمها وأشهرها مايعرف باسم الاكسوزومات Exosomes (ارجو العودة لمقال لي بعنوان : الاكسوزومات أمل جديد للعلاج ويجري حاليا في معملنا في مركز الملك فهد للبحوث الطبية بحث مدعم من مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية عن اكسوزومات الكورونا ) وهي عبارة عن مادة وراثية قد تكون مستنسخة من الفيروس أو مفرزة من المادة الوراثية السيتوبلازمية للخلايا فعند أخذ العينة والمسحة فان الذي يظهر من القياس هو شبيه الفيروس تركيباً وبالتالي فان ال بي سي ر (PCR تقنيةالفحص) انما تُظهر الاثر وليس الفيروس نفسه، فلذلك تستمر نتيجة المسحة ايجابية لفترة طويلة وهي الحالة الغالبة وهذا لايمنع البعض ممن مناعته ضعيفة أن تظهر نتائجه ايجابية فترة طويلة نتيجة تغلغل الفيروس وبقائه في الجسم، اما السبب الثاني فهو ان التقنية المستخدمة في المسحة تقنية ال(ب سي آر ) لديها حساسية بالغة قد تلقط شيئا بسيطاً غير معبر لدى المصابين الذين يحملون كميات لا تذكر من الفيروس وهو -أي اختبار ال(بي سي آر) يوفر اجابة بنعم أو لا فقط دون تفاصيل عن كميته التي يمكن ان تختفي من الجسم بعد ساعات من الفحص كما أن هذا النوع من الاختبارات قد يكفي مسحة واحدة من انف المريض بينما يتطلب الأمر أكثر من مسحة لاكتشاف الفيروس لدى آخرين وهذا فارق في ايجابية الفحص من عدمه. وكلما تعقدت أمور التقنية كلما كانت تحتاج الى مزيد من الدقة والاحتياط خاصة ما له علاقة بفحص المسحات البكتيرية والفيروسية.. والأمور تتعقد أكثر كلما كان الفحص له علاقة بالمادة الوراثية وبذا تكون الإجابة على السؤال اعلاه اتضحت وقد تكون هناك عوامل اخرى لم يتم التعرف عليها الى الان او أنني لم أحط بها علما او حتى لم يصل الى اكتشافها الباحثون مع اقرار مائة بالمائة ان النتيجة الإيجابية لا تعني انتصار الفيروس وبقاءه وظهور أعراضه دائما انما المرور غير المرحب به وترحيله الفوري وهو الأغلب وذلك بفضل الله سبحانه وتعالى وقدرة حمايته لخلقه عبر جهاز المناعة.