في الوقت الذي ينتظر جميع سكان العالم خبر إطلاق لقاح فايروس كورونا بفارغ الصبر، تتسابق الدول والمنظمات الطبية والشركات الدولية لنشر أخبار مساعيها بهذا الشأن، وذلك في الوقت الذي يواصل الفايروس انتشاره حول العالم، وتعمد بعض الدول إما إلى تمويل مراكز وشركات أبحاث لإنتاج كميات من اللقاح خاصة بها كما فعلت سنغافورة، في حين تعمد دول أخرى كالهند وتايلند لإنتاج لقاح على أيدي علمائها المحليين في حين عمدت الحكومة البريطانية لاستثمار 14 مليون جنيه إسترليني لإنشاء مصنع للقاحات في أسكتلندا. في الأسبوع الماضي أعلنت روسيا اعتماد تسجيل أول لقاح في العالم للوقاية من مرض كوفيد 19، ولتأكيد نجاح اللقاح أكد الرئيس الروسي أن ابنته جرَّبت التطعيم بهذا المصل، كما أكد رئيس صندوق الاستثمار المباشر الروسي في مؤتمر صحفي أنه تلقى طلبات لشراء مليار جرعة من ذلك اللقاح من أكثر من 20 دولة في العالم، وفي الوقت الذي اعتقدت روسيا فيه بأنها قد فازت بماراثون إنتاج اللقاح شنت العديد من دول العالم حملة تشكيك في ذلك اللقاح بمن فيهم أوساط طبية روسية أكدت بأن اللقاح لم تتم تجربته بعد على مراحل عمرية مختلفة وأن كثيراً من آثاره الجانبية مازالت غامضة. من الواضح أن سبب مشاركة بعض الدول في «ماراثون اللقاح» لم يعد بهدف إنقاذ البشرية من هذا الوباء ولكن للفوز فقط بماراثون الحصول على اللقاح وإعلان تلك النتيجة التاريخية، في المقابل يكفي لبعض الشركات الطبية العالمية أن تعلن أنها بدأت تستقبل آلاف المتطوعين لإجراء تجارب سريرية للقاح لترفع أسعار أسهمها فوراً، وهناك أكثر من 160 لقاحاً قيد التحضير حول العالم وعدد قليل فقط من تلك اللقاحات نجح في العبور للمراحل السريرية، ويبقى بعد ذلك اعتماد هيئات الغذاء والدواء المختصة في الدول المنتجة، في حين ناشدت منظمة الصحة العالمية جميع الدول بضرورة الالتزام بالمراحل الثلاث للتجارب السريرية. من جانبه أكد المتحدث الرسمي باسم وزارة الصحة الدكتور محمد العبد العالي الأسبوع الماضي بأن العمل يجري وباستمرار من قبل الجهات المختصة للتأكد ومتابعة كل ما يستجد بشأن اللقاحات والعمل على توفير أي لقاح يثبت اعتماده ويجمع بين أمرين: أن يكون فعالاً ومأموناً، مبيناً أن المملكة تشارك بكل الجهود العالمية لدعم جميع الأبحاث ودعم توفير لقاحات وعلاجات ناجحة لمقاومة هذا الفايروس. الوصول للقاح لن يكون أمراً يسيراً وحتى ذلك الحين ومع بداية عودة الحياة إلى طبيعتها الجديدة لابد أن نواصل الالتزام بالإجراءات الاحترازية والتدابير الوقائية للحفاظ على سلامة أنفسنا حتى ينجح العالم في الوصول إلى لقاح معتمد آمن وفعال يهدف إلى حماية البشرية وليس إلى الفوز بالماراثون.