عالم الرؤى هو همزة الوصل بين العالم الغيبي والعالم الدنيوي ومن الرؤى المؤثرة التي نقلتها لنا بعض كتب التاريخ هي رؤيا الملك نور الدين زنكي عام 557ه حيث إنه رأى في منامه ذات ليلة النبي صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات يقول له (أنقذني يانور الدين من هذين الاثنين) ويشير بيده الشريفة إلى رجلين أشقرين فاستيقظ الملك فزعا ونادى وزيره جمال الدين موصلي وكان عالمًا حكيمًا فقص عليه ما رأه فقال له قم وجهز موكبك واكتم ما رأيته، فسار الملك بموكبه من دمشق نحو المدينةالمنورة حاملا معه أموالا ُكثيرة ودخل المدينة ونادى منادي (يا أهل المدينه آتاكم الملك نور الدين ويريد أن يُهديكم من صدقاته فليحضر غنيكم وفقيركم لِأخذها)، فاصطف الناس صفا صفا وتسلم الجميع صدقاتهم من يدي الملك آملاً أن يرى الأشقرين من بينهم لكنه لم يجدهما فقال هل بقي أحد لم يأت إلينا فقالوا له بقي رجلان من أهل الأندلس وهما صالحان زاهدان ويسكنان على مقربة من الحجرة الشريفة فأمر باحضارهما فلما رآهما فرح فرحاً شديداً لأنهما من رأهما في منامه فسألهما عن سبب عدم مجيئهما لِأخذ الصدقة فردا بأنهما مشغولان بالعبادة فقال الملك لهما خذاني إلى داركما لأراها فلما دخل بحث في أرجاء الدار عله يجد شيئاً يوصله لسبب الرؤيا لكنه لم يجد ولما همّ بالخروج رفع بإحدى قدميه الحصير فرأى لون القاع مختلفًا عن باقي الحجرة فأمر جنوده برفع الحصير فظهر لهم لوحًا كبيرًا من الخشب فرفعوه فإذا بسرداب وحفرةِ عميقة فنزل الجنود فرأوه يوصل للحجرة النبوية الشريفة وقد نبش أجزاءُ من القبر فصاح الملك وبكى وأخذ يضرب الرجلان حتى اعترفا أنهما نصرانيان أتيا لنقل الرسول لبلادهم مقابل تابوت من الذهب وعدهم به ملكهم وانهما كانا يحفران بالليل ويضعان التراب في محافظ لهما من جلود ويلقيانه في البقيع قبيل الفجر كل ليلة إلى أن وصلا للقبر فأخذ الملك سيفه وقطع رأسهما وأمر الملك بحفر خندق حول الحجرة الشريفة وأن يصب فوقه بالرصاص ليغطي كامل الحجرة من غير باب ولا شباك لحماية القبر الشريف من كل أذى. رحمك الله أيها الملك العظيم وهنيئًا لك هذا الشرف الجليل فقد استنجد بك خير خلق الله أجمعين.