تميزت جزر فرسان بالغرائب والعجائب التي اختصت بها كمهرجان صيد سمك الحريد وموسم جني البلح ومحميات الغزلان وصفاء بحارها النقية وصولاً إلى موسم الكنة الذي تهاجر فيه أسراب سمك الكنعد والذي يسمى باللهجة المحلية «الضيراك» ويعد أفضل أنواع الأسماك في جازان وأغلاها. وتبدأ حكاية صيد الكنعد مع بداية فك الحظر الساعة التاسعة صباحًا من كل يوم إلى بدء الحظر مساء على مدار 40 يومًا كما يحكيها لنا الصياد ياسر محجب مع ابنيه وليد وعبدالرحمن الذين تربوا على الصيد منذ الصغر، إذ يشير إلى أن موسم الكنة تحتبس فيها حركة الريح المعهودة بسبب التغيرات العامة في الطقس والأجواء وقد يحتفظ ببعض مظاهره فلا تسكن حركة الرياح وإنما يحفها هدوء نسبي وزيادة درجات الحرارة عن ما قبلها من المواسم وذلك في أغلب أيام موسم «الكنة» مشيرًا إلى أن أسماك «الكنعد» تهاجر لتتكاثر في شواطئ فرسان بسبب هجرتها ووضع بيضها بكميات هائلة ما تغري الصيادين للخروج للصيد وكل صياد يرضى بما قسمه الله من السمك فالبعض يصطاد من خمس إلى عشر سمكات وآخر لا يستطيع سوى صيد سمكة واحدة وكل يرضى بما قسمه الله له من الصيد. «المدينة» شاركت فى رحلة صيد بحرية ولاحظت أنها بدأت بتجهيزات الصيد من الكمامات والقفازات ومعدات الصيد وتجهيز الطعام والمشروبات وإكمال تصريح الإبحار من قبل حرس الحدود حتى يضمن سلامة من في المركب والمواقع التي سيتم الذهاب لها وبعدها انطلق المركب «عاصفة البحار» من مرسى الصيادين بجزيرة فرسان والذي اتجه نحو جزيرة دمسك الواقعة جنوب غرب جزيرة فرسان والذي استمر الإبحار قرابة ال45 دقيقة مرورًا بجزيرة سلوبا وقماح إلى أن ظهرت إنارات بيضاء في مواقع متفرقة تظهر للمشاهد للوهلة الأولى أنها منازل متناثرة وعند الاقتراب منها اتضح أنها عشرات من قوارب للصيد متفرقين كل يجرب حظوظه في الصيد. وعلى بعد 3 كم من أقرب قارب قام الصياد محجب والمشهور بابو عمار بالتوقف والنظر للأسفل ليستطلع الأمر إذا يفيد بأنه ينظر ليرى هل هناك شعاب مرجانية بالأسفل أم رمال فالشعاب تكون لونها سوداء وبها رائحة يستطيع تمييزها لوجود السمك فيها وإذا كان اللون أبيض فبالأسفل رمال مشيرًا إلى أنه يقوم برمي ثقل حديدي إلى الأسفل ليقيس مدى عمق المياه التي تبلغ عمقها 60 مترًا إلى 48 مترًا ويقوم برمى المرسى في الموقع وبين أن أسراب أسماك الكنعد تسير في أسراب على عمق ما بين العشرين مترًا إلى ثلاثين مترًا ولهذا يتم رمي السنارات على عمق ثلاثين إلى أربعين مترًا فقط في وهناك أسماك تعيش في العمق ولكن رحلته كانت لأجل اصطياد سمك الكنعد. ويصف لنا أبو عمار أنه أثناء الرحلة كانت نسمات هواء عليلة متوسطة وهادئة تشعره بالانتعاش من الرطوبة والحرارة طوال الرحلة وأشار إلى عملية الصيد تمكن من اصطياد ست سمكات متوسطة متنوعة وأن رحلته لم تخلُ من المتعة فطيور النورس كانت تحيط بالقوارب من كل الاتجاهات وبعد رمي الطعم وتأخر وأثناء شعوره بالنعاس يأخذ غفوة في الهواء الطبيعي ويربط خيط السنارة في قدمه لحين الشعور بهز السنارة التي اصطيدت ويصحو لسحب السنارة إلى القارب مبينًا أن الصيادين يحاولون العودة إلى الجزيرة قبل بدء الحظر بساعة حتى لا يتأخر أحدهم في العودة. ويشير أبو عمار أن هناك طرقًا عديدة لصيد سمك الكنعد منها الشباك والتي يصطاد فيها الصياد أسماك وفيرة ومنها السنارات التي يتم صيد السمك حيًا ويسمى الجلب والثانية تعد أفضل وألذ الأسماك التي تصطاد بها لأنها تصطاد حية في نفس الوقت بخلاف الشبك الذي يتم إخراجها بعد 24 ساعة من صيدة وتموت في الشباك. وقال: إن الكنعد أوالظيرك باللهجة المحلية أكثر الأسماك توافرًا وطلبًا يوميًّا وأساسيًّا لجميع المتسوقين ومحبي الأسماك في شهر رمضان وبخاصة ما تم اصطياده عن طريق الجلب السنارة إلى جانب أنواع أخرى من الأسماك التي لا تقل شهرة عن سمك الكنعد ومنها الشعور، والهامور أو الكشر باللهجة المحلية، والناجم، والسيجان، واللسن، والعقام، والباغة، والحمراء، والجدبة، والشروى وغيرها من أنواع الأسماك التي تمثل إنتاجًا ضخمًا للمنطقة في هذا الموسم. وتتميز منطقة جازان بوفرة العوامل البيئية الملائمة لنمو وازدهار الثروة السمكية على امتداد مياهها الإقليمية وسواحلها على البحر الأحمر المقدرة بأكثر من 250 كيلومترًا من الشقيق شمالاً حتى الموسم جنوبًا مما أدى إلى توافر أنواع الأسماك طوال العام إلى جانب القشريات والرخويات الأخرى والتي يتم صيدها معظم أيام العام.