من الاستعداد لتنظيم واستضافة قمة تقليدية من قمم مجموعة العشرين، إلى التصدي للقيادة في ظل ظرف استثنائي، تأتي رئاسة المملكة لقمة العشرين في عام تلعب فيه التقنية الدور الأكبر، إذ تتزامن رئاسة المملكة لقمة العشرين مع مرور العالم بواحد من أكبر التحديات ذات الطابع الشامل منذ عقود وعقود بتحول فيروس كورونا المستجد لجائحة عالمية، فقد تحوّلت أولويّات المملكة من صب جام جهودها في مضمار التنظيم وتوفير سُبل الراحة للضيوف، إلى اللجوء للتقنية للمضي قدمًا في استضافة اجتماعات العشرين وتنظيمها افتراضيًا عبر التكنولوجيا الرقمية، وتدشّن القمة الاستثنائية التي دعا إلى الملك سلمان بن عبدالعزيز دول مجموعة العشرين في مارس الماضي وتمهِد الطريق لسلسلة من الاجتماعات الافتراضية لوزراء دول المجموعة وصلت إلى ما يزيد عن 28 اجتماعًا افتراضيًا، فيما استطاعت البنية الرقمية السعودية أن تبرهن على جاهزيتها للتكيّف مع أي ظروف طارئة، وتعكس بُعد نظر القيادة التي تبنّت توجُهًا عامًا منذ سنوات للاستثمار في التقنية، وكأنما كانت تستشرف أنها ستكون المخرج من أي مأزق مستقبلي. في واقع الأمر، تمكنت المملكة على مدار السنوات القليلة الماضية من حسن استغلال التقنيات الحديثة، حتى أن أواخر العام الماضي شهد تسمية مدينة الرياض أول عاصمة رقمية عربية لعام 2020، بمعرفة مجلس وزراء الاتصال العرب، وفي أغسطس من العام ذاته، دُشنت الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي، معلنة عصر جديد للعناية بالبيانات داخل المملكة، إذن لا يشكل نجاح المملكة في إدارة مشهد قمة العشرين تقنيًا سوى حصاد لجهود عديدة وتراكم خبرات وظفت لاحقًا في موضعها الصحيح، بما أتاح إمكانية عقد قمة استثنائية لمجموعة العشرين بكفاءة عالية في ظرف استثنائي، ويستمر توظيف التقنيات الحديثة بشكل يومي يطرح نموذجًا للعمل في ظلال الأزمة أولًا فضلًا عن العمل عن بعد وبعيدًا عن بروتوكولات الدبلوماسية المعهودة وظروف العمل التقليدي المتوقعة. داخل المملكة وفي الشؤون المحلية، هناك توظيف متكافئ للتكنولوجيا الحديثة، والوسائل الرقمية لجعل تفاصيل المعيشة أيسر على المواطنين، ولاسيما في ظل ظرف شديد القتامة كالجائحة، فعلى سبيل المثال، في أوائل إبريل الجاري، أعلنت وزارة الصحة السعودية عن تدشين تطبيق إلكتروني جديد باسم "تطمن"، يستهدف خدمة المواطنين والمقيمين في المملكة على حد سواء، خاصة هؤلاء القابعين في الحجر الصحي المنزلي أو داخل المنشآت الصحية، فالمنصات الإلكترونية والتطبيقات باتت أداة ملائمة لبث الوعي وحث المواطنين على سلوكيات الوقاية كالتباعد الاجتماعي، ما يعزز من أهمية تقنيات عصرنا الجديد بوصفها ضروريات وركائز في التعاون اليومي وليس رفاهيات مرتبط استخدامها بصناعة الترفيه.