توالت علينا أحداث لم تكن في الحسبان.. أُلغيت المواعيد.. توقفت الخطط.. عم الهدوء.. مُنع التجول.. شوارعنا الحية باتت ميتة.. الكل يهرب من العدو الذي لا يراه.. خصمنا اليوم من نوع آخر.. الخصم الذي أربك البشرية وجعلها هاربة حتى من البشر أمثالها.. أي ضعفٍ نحن بدونك ياالله.. كانت الخُطب والكتب والأمهات تخبرننا دوماً بأن الصحة نعمة والأمن نعمة والحياة نعمة.. لكن العادة البشرية في التضجر لم تكن ترى ذلك.. جاءت ال»كورونا» لتعلمنا أن الأمان نعمة.. الاطمئنان نعمة.. الاجتماعات والزيارات نعمة.. وقبل كل ذلك الصلاة في المساجد وامتلاء المسجد الحرام بالمصلين ووحدة مقصدهم على اختلاف مرجعهم جمال اعتادت أعيننا على رؤيته فلم ندرك من قبل بأنها حقاً نعمة.. ذلك العمل الذي طالما تضجرنا وضجرنا منه نعمة.. استيقاظ الأطفال وهم نعسى للمدارس نعمة.. كل ما كنا نراه واجب كوني مفروغ من حدوثه بات اليوم مراداً صعب المنال.. كل ما كنا نملّه و»نتحلطم» منه بات دعاءً نرجو الله إياه.. بتنا نراقب الأحداث بأعين وجلة وقلوب قد أكل منها القلق مأكله وبلغ بنا الهلع مبلغه.. فايروس لا يُرى بالعين المجردة استطاع أن يعلمنا حقًا «وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها».