كشفت أزمة أسعار النفط الراهنة عن 4 أسس راسخة للسياسة النفطية السعودية التي راهن عليها العالم لسنوات طويلة لضمان استقرار النفط. ويأتي في صدارة هذه الاسس الحرص على مصالح المنتجين والمستهلكين معا، باعتبارهما الشريكين الرئيسين، وفي حال الانحياز لمصالح احدهما على حساب الآخر، سيبدو الخلل في السوق على الفور، ولاشك أن الذاكرة القريبة تحفظ لها الحرص على استمرار الامدادات بكفاءة عالية، وذلك على الرغم من الهجوم الارهابي الذي تعرضت لها أرامكو في صيف العام الماضي. تقوم السياسة السعودية على اهمية السعر المناسب والعادل للطرفين أخذًا في الاعتبار، تحولات الاسواق وارتفاع معدلات التضخم، وذلك من اجل ضمان استمرارالانتاج والتطور الصناعي، واعمال الاستكشاف التنقيب، ولايخفى ان التقلبات السعرية أدت الى تأجيل مشروعات بقيمة 300 مليار دولار في العالم على أقل تقدير. كما كشفت الازمة الاخيرة ايضا ان السعودية كانت الضامن والركيزة الاساسية لأي استقرار في السوق، بدليل تخفيضها الإنتاج عن المستهدف منها بقرابة 500 ألف برميل على الأقل طوال الفترة الأخيرة، وذلك لمواجهة عدم التزام بعض المنتجين بحصص الإنتاج المتفق عليها. والحقيقة أن المملكة تحملت على مدار العشرين عامًا الماضية عبء استقرار أسعار النفط، ففي عام 1999 عندما تراجعت الأسعار إلى مادون عشرة دولارات للبرميل، بذلت جهودًا مكوكية مع الجميع حتى عادت الى الاستقرار التدريجي بصعوبة لتصل في عام 2003 الى 27 دولارًا للبرميل، وفي عام 2016، عندما هبطت الأسعار إلى 26 دولارًا، انخرط سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في محادثات مكوكية مع الرئيس الروسي بوتين، كان من نتائجها السريعة اتفاق البلدين باعتبارهما من كبار المنتجين على التعاون المشترك لدعم الأسعار وخفض الإنتاج بما يتفق وأوضاع السوق، وكانت سابقة تاريخية انضمام روسيا إلى التعاون مع أوبك بعد فشل محاولات عديدة سابقة. وأدى ذلك إلى استقرار أسعار النفط منذ ذلك الوقت، إلى أن استبقت روسيا الاجتماع الأخير للمنظمة برفض الاتفاق والتصريح بحق كل دولة في إنتاج ما تراه بداية من أول أبريل، وهو ما أدى إلى انهيار الاتفاق والسوق. والحقيقة أن الجميع حاليًا بحاجة إلى التعاون لأن الوضع في السوق ليس في صالح أحد، وأن السعر العادل والمتوازن يجب أن يكون هدف الجميع من أجل استمرار الصناعة ككل.