جاء فيروس كورونا واجتاح الكرة الأرضية في أيام معدودات فسبَّب للجميع الكثير من الهلع والضرر الصحي والاقتصادي والاجتماعي وهذا حتماً أمر غير مرغوب فيه وجعل العالم يجهز كل عدته وعتاده لمحاربته والقضاء عليه. لكن ينبغي علينا أيضاً أن نعلم أن لكل ضارة نافعة كما يقول المثل الشعبي لذا يستوجب أن نقدم له الشكر لأنه قدَّم لنا الكثير من الفوائد المجتمعية والاقتصادية والفكرية والثقافية التي تجبرنا على شكره فنقول لهذا الكائن الخبيث: شكراً كورونا لأنك قلت لكل جبار ظالم متكبر طغى وبغى في الأرض إني رغم ضعف تكويني قادر بأمر الله وقوته أن أهز عروشكم وأدمر اقتصادكم وأشغل شعوبكم وأجهزة إعلامكم ومؤسساتكم وأنتم لا ترونني بأعينكم المجردة، فكيف لو جاءكم ما هو أكبر وأعظم وأقوى وأكثر تدميراً وضرراً مني، فهل تعيدون حساباتكم وتعلمون أن الله سبحانه قادر أن يجعل ضعيفاً مثلي يفعل بكم كل تلك الأفاعيل وأكثر من ذلك؟. شكراً كورونا لأنك جعلت الكثير من سكان الأرض يعودون الى الله ويقرأًون سننه ويعتبرون بكل ما يخفيه لهم الغيب. شكراً كورونا لأنك عززت ترابطنا الأسري وأعدت لنا الكثير من العادات الاجتماعية الفاضلة التي ضمرت وكنا سنفتقدها كسعينا لترشيد إنفاقنا بعد أن أقفلت أمامنا المولات والمقاهي وأماكن الترفيه وأوقفت الحفلات الباذخة التي نسرف في البذل عليها. شكراً كورونا لأنك استطعت أن تغلق الكثير من الأماكن المحرمة في العالم وأن تخفف من ممارسات الرذيلة. شكراً كورونا لأنك أجبرت حكومات العالم وشعوبه وأفراده أن يعيدوا حساباتهم وخططهم وأنظمتهم وتكشف لهم الكثير من المفسدين منهم. شكراً كورونا لأنك كشفت لنا الصديق من العدو والصادق من الكاذب وكشفت لنا المخلص في مؤسساتنا من المتهاون والمتلاعب من الجاد وكشفت لنا الكثير من ممارسات التضليل التي كان البعض يزفها لنا بين حين وآخر. وفي الختام نسأل الله الحي القيوم أن يرفع عن بلادنا وكل بلاد العالم كل داء وبلاء وأن يزيل عن العالم هذه الغمة وأن يجعلنا نعي كل تلك الدروس التي أسداها لنا الخبيث كورونا. والله من وراء القصد.