لازالت الخضراوات والفواكه التي تروى بمياه الصرف الصحي تشكل أزمة لم تجد لها حلا حتى الآن، مع تزايد عدد المزارع التي تم الكشف عنها ويعمل بها عمال أجانب يقومون بارتكاب تلك المخالفات التي تهدد الصحة العامة، في مقابل عقوبات بسيطة لا تتجاوز الغرامة 50 ألف ريال في حدها الأعلى، لذلك ظهرت دعوات تطالب ب «تغليظ العقوبة» والتشهير بالمخالفات لوقف المنتجات المروية بمياه الصرف إلى الأسواق. وهناك سلسلة أمراض يسببها ري المنتجات بمياه الصرف منها: الفشل الكلوي، والالتهاب الكبدي الوبائي، وسرطان الرئة، وتليف الكبد، وأمراض القلب، وتشوه الأجنة، والإجهاض المتكرر للحوامل، وسرطان الجهاز الهضمي. في هذا الاطار شهدت العاصمة المقدسة منذ بداية العام الهجري الحالي وحتى الآن إزالة 9 مزارع غير صالحة للاستخدام ويتم سقايتها بمياه الصرف الصحي أو ما يعرف بالمياه المجددة من قبل اللجنة التي شكلت بتوجيه من سمو مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكةالمكرمة يديرها عمالة وافدة من مخالفي أنظمة الإقامة والعمل. وكشفت الإحصاء آت التي حصلت عليها «المدينة» عن أن الجولات الميدانية شملت 158 زيارة تم خلالها عمل 58 جولة وأخذ عينات تحاليل من 15 مزرعة ثبتت إيجابية 9 حالات تم إزالتها. بدورها قامت «المدينة» بعمل تقرير عن هذه المواقع والعمالة التي تديرها وما يتخذ بحقهم من إجراءات وعقوبات وغرامات مالية بالإضافة إلى الكيفية التي يتم التعامل معها مع المواطنين الذين يتعاملون معهم سواء من خلال عملية التستر أو المشاركة بالأرباح من خلال الشراكة معهم وأيضاً ما تسببه تلك المحصولات الزراعية من أضرار صحية وبيئية تضر بصحة وسلامة المستهلكين وعن الكيفية التي يتم من خلالها ضبط الورقيات والخضراوات والفواكه المشبوهة وغير الصالحة للاستخدام وإتلافها ومحاسبة من قام بمحاولة نقلها للأسواق المركزية. خبير بيئي: ملوثات بيولوجية وكيميائية تضر بصحة الإنسان قال الخبير البيئي وعضو هيئة التدريس بقسم الكيمياء بجامعة أم القرى واللجنة البيئية بالغرفة التجارية الصناعية بجدة الدكتور فهد تركستاني إن موضوع استخدام مياه الصرف الصحي أو ما تعرف بالمياه المجددة غير المعالجة في سقي الخضراوات مهم جداً ويعتبر خطورة بيئية صحية على الفرد لما تحتويه المياه من ملوثات مختلفة البيولوجية والميكروبات والفيروسات والفطريات والكثير من المواد الكيماوية المضرة بصحة وسلامة ومصادر لأمراض مختلفة للإنسان مشيراً إلى وجود بعض ضعاف النفوس يستخدمونها في ري البقوليات والخضراوات وهذه المياه الموبوءة الحاملة للكثير من المشاكل وفي الغالب غير معالجة إضافة إلى أن هذه العمالة لديها مزارع أسماك تروى من هذه المياه الملوثة. وأشار إلى أن المعالجة الثلاثية للمياه غالباً لا يكون لها ضرر كضرر الماء الخام للصرف الصحي وهذه الورقيات والبقوليات التي سقيت بتلك المياه ستكون حاملة لكافة أنواع الملوثات البيولوجية والكيميائية على أوراقها وداخلها مبيناً صعوبة التفرقة بينها وبين المسقية بطريقة نظامية إلا من خلال إجراء فحوصات مخبرية وهذا ما تقوم به أمانة العاصمة المقدسة ويفترض وجود مختبر متنقل في السوق المركزي للخضار والفواكه لاختبار ما يرد للسوق من خضراوات وبقوليات. وأضاف أن هناك مراقبة في هذا الجانب في الأسواق النظامية التي تشرف عليها أمانة العاصمة المقدسة لكن المشكلة الكبيرة تكمن في بيع تلك المنتجات الملوثة يتم بيعها في الأحياء العشوائية أو على العربات المتنقلة المخالفة مبيناً أن الأضرار البيئية الصحية التي تحدثها المزارع المخالفة انبعاث روائح كريهة تكاثر الحشرات والأوبئة وتنامي الفطريات والبكتيريات ومصدر للأمراض حسب ما يحمله الماء المستخدم في عملية الري والسقاية. وشدد على ضرورة تضافر الجهود من أجل القضاء على الأسواق العشوائية التي تستخدم كبيئة لتصريف وبيع تلك الخضراوات والفواكه والبقوليات بالإضافة إلى أصحاب عربات البيع العشوائي التي نشاهدها على الطرقات والشوارع والأحياء ولا يعلم مصدر ما يحملونه من خضراوات وفواكه وبقوليات وذلك من أجل الحفاظ على صحة وسلامة الناس والمحافظة على البيئة من انتشار الأمراض والأوبئة في محيط تلك المزارع المخالفة. محامي: غرامة المخالف تصل إلى 50 ألف ريال أوضح المحامي والمستشار القانوني سلطان القوزي أن ما يقوم به هؤلاء من ريّ المحاصيل الزراعية بمياه الصرف الصحي غير المعالجة أو الملوثة يعد مخالفاً للمادة الخامسة عشرة من نظام مياه الصرف الصحي المعالجة وإعادة استخدامها الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/6) وتاريخ 1421/02/13ه ويعاقب كل من أقدم على القيام بهذا الفعل بالعقوبات الواردة بالمادة التاسعة والعشرون من ذات النظام وتكون العقوبة متمثلة في الغرامة المالية التي لا تقل عن 1000 ريال ولا تزيد عن 50 ألف ريال مع تكفل المخالف بجميع الأضرار الناجمة عن مخالفته وتتولى فرض وتحصيل تلك العقوبات وزارة البيئة والمياه الزراعية ووزارة الشؤون البلدية والقروية بالتنسيق فيما بينها وفقآ للمادة الثالثة والثلاثين من ذات النظام. وأشار إلى أنه لا يجوز للمواطنين التواطؤ مع المقيمين المخالفين لأنظمة الإقامة والعمل والعاملين بهذا المجال بالتستر عليهم وتسهيل قيامهم بأفعال مشابهة عن طريق استئجار المزارع لصالح الغير ممن هم غير مصرح لهم بمزاولة هذه الأعمال من العمالة مما يوقع المتستر تحت طائلة العقوبات الواردة بنظام مكافحة التستر رقم (م/22) وتاريخه 1425/05/04ه الصادر بالمرسوم الملكي. «الأمانة»: إزالة 9 مزارع خلال 58 جولة ميدانية قال المتحدث الرسمي لأمانة العاصمة المقدسة المهندس رائد سمرقندي إن إدارة صحة البيئة ممثلة في وحدة مكافحة الظواهر السلبية قامت منذ بداية العام الحالي بعمل 58 جولة ميدانية زارت خلالها 159 مزرعة تم أخذ عينات تحاليل 15 عينة وتم إزالة 9 مزارع مشيراً إلى وجود عقوبات يتم تطبيقها بحق أصحاب المزارع المخالفين حيث صدر مؤخراً موافقة وزير البيئة والمياه والزراعة القاضي بإتلاف المزروعات الملوثة على نفقة المخالف وعدم السماح برى الخضراوات والورقيات من المياه الناتجة من المياه الناتجة من وحدات المعالجة المركزية لدى المزارعين إلا بعد الحصول على ترخيص من وزارة البيئة والمياه والزراعة حسب ما نص عليه النظام وإحالة المعاملة بعد إجراءات الضبط لتلك المخالفة من قبل اللجنة الدائمة بالمنطقة إلى لجنة النظر في توقيع العقوبات بمخالفة نظام مياه الصرف الصحي المعالجة وإعادة استخدامها بالوزارة للنظر في الإجراءات النظامية تجاهها. وأشار إلى دور الفرق الميدانية بصحة البيئة لتتبع مصادر الخضراوات والورقيات والفواكه بأن هناك لجنة مشكلة بموجب توجيه من سمو مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكةالمكرمة للقيام بجولات على المزارع الواقعة داخل المدن والمحافظات والمراكز والتي تصلها مياه الصرف الصحي لمنع سقيا الخضار والفواكه والورقيات من تلك المياه. وقال: إن أبرز مهام اللجنة هو مراقبة وإزالة المزارع التي تسقى بمياه الصرف الصحي ومراقبة بيع مياه الصرف الصحي ونقلها للمزارع ومراقبة وإزالة المزارع التي تسقى من مجرى مياه الصرف الصحي لمنع انتشار أي مزرعة جديدة مبينا أن التعامل مع المزارع المخالفة أثناء الجولة يتم عبر أخذ العينات للورقيات والفواكه والمياه من قبل مندوب الشؤون الصحية باللجنة وبعد تحليل العينات في المختبرات الخاصة فإذا أثبتت الفحوصات وجود عينات إيجابية سواء للمياه أو الخضراوات يتم إزالة المزروعات وردن البئر المستخدمة للري من قبل اللجنة مؤكدا أنه بالنسبة للورقيات التي يتم نقلها إلى السوق المركزي بمكةالمكرمة تحمل شهادة منشأ للمنتجات الزراعية يتم إصدارها من قبل وزارة البيئة والمياه والزراعة فإن لم يكن لدى صاحب المزروعات هذه الشهادة يتم إتلاف الورقيات أو الفواكه من قبل الوزارة. وزارة البيئة: عمالة أجنبية بمزارع عشوائية تمارس المخالفات أكد مدير عام فرع وزارة البيئة والمياه والزراعة بمنطقة مكةالمكرمة المهندس سعيد بن جار الله الغامدي أن هناك لجنة خاصة تسمى لجنة المزارع التي تسقى بالمياه المجددة برئاسة صحة البيئة في مكة وأعضاء من الجهات ذات العلاقة كوزارة الصحة ووزارة البيئة والمياه والزراعة والجهات الأمنية ويتم أخذ عينة من مياه الآبار التي تسقى منها المحاصيل ويتم تحليلها من قبل وزارة الصحة وبعدها يتم التأكد من سلامة المحصول من عدمه وفي حال عدم مطابقة مياه الآبار التي تسقى منها المزارع للمواصفات القياسية يتم إزالة المزرعة بقرار من اللجنة مشيراً إلى أن عدد الجولات الشهرية لأعضاء اللجنة لهذه المزارع التي تسقى بالمياه المتجددة حوالي 18 جولة تقريباً على مدار الشهر بعدد 3 إلى 4 زيارات في الشهر الواحد ويتم الوقوف على حوالي 52 مزرعة وأكثر يتم بالعادة إزالة من مزرعة إلى مزرعتين بعد تحليل عينات مياه الآبار التي تسقى بها المحاصيل بمساحة تقريبية 1000 متر. وأشار إلى أنه يوجد هناك محطة معالجة ثلاثية ولكن لا تكفي ولا تستوعب كمية المياه الصادرة إليها ولذلك أغلب المزارع تقوم تجاوزا بالاعتماد على هذه المياه والتي تشكل مصدراً للمخاوف البيئية وللأسف أن تلك المزارع عشوائية وأغلبهم عمالة أجنبية فعادة ما تحتوي المياه المجددة غير المعالجة على ميكروبات ومسببات الأمراض والملوثات الكيماوية وبقايا المضادات الحيوية وغيرها من المخاطر على صحة المزارعين والعاملين في سلسلة الغذاء والمستهلكين بالإضافة إلى عدد من التقنيات والأساليب الحالية التي يتم استخدامها في جميع أنحاء العالم لمعالجة المياه المجددة وإدارتها واستخدامها في قطاع الزراعة وإن كثيراً من هذه التقنيات تختص بالموارد الطبيعية المحلية والنظم الزراعية التي يجري استخدامها فيها والمحاصيل التي يجري إنتاجها. وأضاف: بأنه لابد من تكثيف الحملات من الجهات الرقابية بضرورة متابعة المزروعات التي تروى بالمياه المجددة وللأسف أن تلك المزارع عشوائية وأغلبهم عمالة اجنبية ولابد من معاقبة المزارعين الذين يقومون باستخدام مياه الصرف الصحي غير المعالج لري الأراضي الزراعية مع ضرورة سن قوانين تجرم ذلك فمن الممكن أن تروى الزراعات بالمياه المجددة أو الزراعي ولكن بعد معالجتها لضمان صلاحيتها للري علماً بأنه لا يجب استخدام مياه المجددة حتى لسقي أشجار الشوارع إلا بعد معالجتها ثلاثياً حتى لا يكون هناك روائح كما أن الري بالمياه المجددة والزراعي غير المعالج يؤدي إلى إصابة الإنسان والحيوان بأمراض خطيرة وذلك لأن النباتات التي تروى بهذه المياه تظل عالقة بها.