حذّر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من أنه لا يمكن تجنب حصول أزمة مهاجرين جديدة إلاّ في حال دعمت أوروبا جهود بلده في سوريا، ويأتي ذلك مع تسجيل مواجهات بين اللاجئين والشرطة اليونانية على الحدود. تجمّع آلاف المهاجرين على الحدود اليونانية منذ إعلان الرئيس التركي الأسبوع الماضي أن بلاده لن تمنعهم من محاولة الوصول إلى أوروبا. وزعم مسؤول تركي مقتل مهاجر وجرح خمسة آخرين نتيجة إطلاق نار من الجهة اليونانية. لكن أثينا نفت ذلك "نفياً قاطعاً". لكن مصوراً من وكالة فرانس برس شاهد مهاجرا مصابا بالرصاص في ساقه فيما كانت مجموعة من المهاجرين تحاول عبور السياج بالقرب من معبر بازاركولي الحدودي. عقب ذلك، رشق المهاجرون الشرطة اليونانية بالحجارة، وردت هذه الأخيرة بإطلاق قنابل غاز مسيل للدموع، وسُمعت عدة طلقات وصرخات. وفي أنقرة، قال أردوغان إنه يجب على أوروبا دعم تركيا في بحثها عن "حلول سياسية وإنسانية" في سوريا إن أرادت تسوية الوضع. وتستقبل تركيا حوالي أربعة ملايين لاجئ، أغلبهم سوريون، وهي شنت هجوماً على القوات السورية فيما يتدفق لاجئون جدد من إدلب، آخر معاقل المعارضة المسلحة والمنظمات الجهادية، وحيث بدأ النظام السوري هجوما لاستعادة المحافظة في ديسمبر. ونزح حوالي مليون شخص من إدلب نتيجة هجوم النظام المدعوم بالطيران الروسي، وهم يتجمعون في مناطق حدودية إذ تمنعهم تركيا من دخول أراضيها. وعبّر أردوغان عن أمله في "الوصول بسرعة" إلى وقف لإطلاق للنار عند لقاء نظيره الروسي فلاديمير بوتين في موسكو الخميس. وقف لإطلاق النار رغم وجودهما على طرفي نقيض على امتداد تسعة أعوام من الحرب، أبقت تركياوروسيا خطوط التواصل مفتوحة. لكن تراجعت علاقتهما بشدة عقب مقتل أكثر من 50 جنديا تركيا في إدلب خلال الأسابيع الماضية. وأعلنت وزارة الدفاع التركية الأربعاء مقتل ثلاثة جنود أتراك بنيران القوات السورية خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية. وقالت تركيا إنها ردت "على الفور"، وأعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان مقتل تسعة جنود من قوات النظام السوري في ضربات جوية نفذتها طائرات مسيّرة تركية في منطقة سراقب. بدأت أنقرة رسميا هجومها ضد القوات السورية نهاية الأسبوع، وطالبتها بالانسحاب إلى وراء الخطوط المنصوص عليها في اتفاق سوتشي الذي وقعته مع روسيا عام 2018. ونقل تلفزيون "ان تي في" عن وزير الدفاع التركي خلوصي آكار قوله "نتوقع من روسيا الالتزام بوعودها كبلد ضامن لوقف هجمات النظام واستخدام نفوذها لضمان تقيّده بالحدود الواردة في اتفاق سوتشي". لكن يقول كثيرون إن روسيا مصممة على استرجاع الحكومة السورية السيطرة التامة على أراضيها. وفي تصريح لوكالة فرانس برس، قال دبلوماسي غربي إنه "قد يعلن وقف لإطلاق النار عقب الحوار بين بوتين وأردوغان، لكنه سيكون استعراضيا". وأضاف "أعتقد أن بوتين سيقول لأردوغان إنه لم يعد لديه ما يفعله في سوريا". دعم تركيا انتقد الاتحاد الأوروبي تركيا لما اعتبره "ابتزازا" له باستخدام ملف اللاجئين. ووعد الاتحاد بتخصيص 700 مليون يورو للتعامل مع الأزمة على الحدود اليونانية، وأوفد فريق تدخل سريع من وكالة فرونتكس الحدودية التابعة له. ووافقت تركيا عام 2016 على وقف تدفق اللاجئين مقابل تلقيها مليارات اليوروهات، لكنها تقول إن الاتحاد الأوروبي لم يف بالتزاماته على غرار تخفيف شروط التأشيرة للمواطنين الأتراك وتوقيع اتفاق أفضل حول الرسوم الجمركية. ورفع أردوغان من حدة الموقف الأربعاء، إذ قال في خطابه: "إن أرادت الدول الأوروبية تسوية الوضع، عليها دعم جهود تركيا بحثا عن حلول سياسية وإنسانية في سوريا". وقال أردوغان للصحفيين أيضا إنه طلب من الرئيس دونالد ترامب ذخيرة. وأجرى وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل ورئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال زيارة لأنقرة لإجراء محادثات حول الملف. وانتقد الرئيس التركي التعامل اليوناني مع التطورات، إذ قال إن "على اليونانيين - الذين يلجؤون لكل الطرق لإيقاف قدوم اللاجئين إلى بلدهم، حتى عبر إغراقهم أو قتلهم بالرصاص الحيّ - أن لا ينسوا أنهم قد يحتاجون مثل هذه الرحمة يوما ما". وقال مصطفى، وهو لاجئ سوري، لوكالة فرانس برس أثناء تواجده قرب الحدود في ولاية أدرنة التركية إن الشرطة اليونانية تستهدفهم. وقال إن "من يعبر يصاب فورا، لقد أطلقوا علينا قنابل الغاز المسيل للدموع".