تُعد القبيلة مصدر فخر واعتزاز لكل منتسب إليها وهذا ما نشعر به بمختلف مناطق المملكة ومن حق الجميع أن يعيش هذه الأجواء دون انتقاص من القبائل الأخرى، وكما يقال وفق المفهوم الشعبي «كل قبيلة لها حق من رجالها» ولكن يجب أن يكون ذلك تحت راية الوطن «لا إله إلا الله محمد رسول الله» وأن لا يطغى الافتخار بالقبيلة على الانتماء الوطني قبل كل شيء ولا أن تصل للعصبية القبلية. كان ذلك ديدن الآباء والأجداد منذ أن تأسست المملكة العربية السعودية على يد المغفور له بإذن الله الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود وسط تلاحم كافة القبائل مع القيادة الرشيدة، ولكن ما نشاهده الآن ينبئ بدرجة من الخطورة قد نصل إليها إن لم نأخذ بيد جهلاء القوم الذين جعلوا التفاخر بالقبيلة أساس الحياة حتى بلغ بهم درجة العصبية القبلية. بالأمس القريب كانت مناسبات الأفراح لا تتعدى فقراته عن حفل خطابي يتضمن بعض الكلمات الترحيبية والقصائد الشعرية ما بين الوطنية والاعتزاز بالقبيلة بالشكل المحمود وتختتم ببعض الشيلات المتضمنة عبارات التهنئة للمحتفى به، وتجد في جنبات موقع الاحتفال العلم الوطني وصور القيادة الرشيدة مما يبعث في الروح تعزيز مفهوم الانتماء الوطني. خلال الأيام الماضية حضرت وشاهدت عدداً من المناسبات المتنوعة من ضمنها احتفالات القبائل بأبنائها المشاركين في مزاين الإبل وكذلك مناسبات الأفراح، ولا أخفي عليكم بأني شعرت بالصدمة حينما رأيت بعض القبائل يرفع أبناؤها أعلامًا مدوناً بها اسم القبيلة وأرقام ترمز للقبيلة وسط الشيلات الصاخبة التي تمجِّد قبيلة بعينها، ولعل ما أخشاه أن يعكس ذلك أثرًا سلبيًا في المستقبل على أبناء القبائل إن لم يكن للمجتمع دور في الوقوف أمام مثل هذه المظاهر والتي من وجهة نظري لا تعدو حتى الآن إلا أن تكون حالات فردية. المسؤولية الآن باتت عظيمة لمواجهة هذه الآفة النتنة التي تشكل خطرًا على المفهوم الوطني والأمن الفكري ويجب محاربتها والقضاء عليها وفرض قوانين صارمة تجرِّم العصبية القبلية مع عقوبات مغلظة لكل متعنصر يدعو للعنصرية سواء من الأفراد أو الجماعات أو القنوات الفضائية الشعبية التي يغذي البعض منها مفهوم العصبية، كما أنه لابد من دور فعال لوزارة التعليم من خلال محاربة ذلك عبر المناهج الدراسية ولابد أن تشارك المؤسسات المجتمعية ووسائل الإعلام ومنابر الجوامع في التحذير منها ومن المآل الذي سنصل إليه عند استمرارها.