رغم أن بلدان المنطقة والأمم المتحدة ومؤتمر برلين تنشد الحوار بين الأخوة في ليبيا، لتجنيب البلاد من الوقوع في مستنقع الحرب أكثر مما هو عليه الوضع الراهن، إلا أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يريد الدخول في مواجهة عسكرية مباشرة مع قوات حفتر، بعد سنوات من الحضور غير المباشر في ليبيا. فالماذا يريد أردوغان الحرب في ليبيا؟ الطاقة تركيا تستهلك كميات هائلة من الطاقة سنويا، وليس لديها موارد كافية، وتستورد ما قيمته 50 مليار دولار في العام الواحد. ورغم عمليات التنقيب التي تقوم بها أنقرة، إلا أن المناطق البحرية التابعة لها لا يوجد بها آبار غاز أو نفط. وهو ما دفعها في وقت سابق من هذا العام خلال شهر يوليو/تموز الماضي إلى إرسال سفن للتنقيب عن الغاز قبالة سواحل قبرص، وهو ما اعتبرته نيقوسيا استفزازا وتحركا غير قانوني. فالتقرب التركي نحو ليبيا هو رغبة منها في توفير موارد طاقة جديدة لأنقرة، ولذلك أبرمت أنقرة في 27 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي اتفاقا بحريا مثيرا للجدل مع حكومة الوفاق الوطني الليبية تسيطر بموجبه تركيا على مناطق لا تخضع لها بموجب القانون الدولي. وهو ما أثار غضب اليونان وقبرص. منطقة شرق المتوسط تعد منطقة شرق المتوسط مطمعا كبيرا في ذهن رجب أردوغان لما تحتويه من مخزون هائل من الغاز الطبيعي يقدر بأكثر من 100 تريليون متر مكعب. أنقرة تريد أن يكون لها نصيب وفير من تلك الثروات. وجاءت اتفاقية "شرق المتوسط" المعروفة باسم "إيستميد" بين اليونان وقبرص وإسرائيل والتي تهدف إلى تأمين إمدادات الطاقة في أوروبا عبر خط يبلغ طوله 2000 كيلومتر، لتعرقل محاولات تركيا توسيع سيطرتها على شرق البحر المتوسط. التحالف التركي الليبي يأتي ردا على تلك الاتفاقية. قريب من مصر ترغب أنقرة أيضا من خلال انخراطها سياسيا وعسكريا في ليبيا في أن تكون قريبة من مصر عن طريق التواجد على حدودها الغربية. وتعتبر ليبيا ساحة مواجهة خلفية بين القاهرة التي تدعم المشير خليفة حفتر وأنقرة التي تساند عسكريا فايز السراج رئيس حكومة الوفاق الوطني. كما أن العلاقات بين القاهرةوأنقرة تشهد توترا منذ إطاحة الجيش بالرئيس محمد مرسي في 2013 . العثمانية الجديدة الدور التركي في ليبيا يأتي كذلك في إطار مساعي الرئيس رجب طيب أردوغان في إحياء العثمانية الجديدة وبسط نفوذ واسع لأبناء أتاتورك على منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. مرتزقة تركيا في ليبيا أرسلت تركيا أكثر من 2500 من المقاتلين المرتزقة إلى ليبيا، بهدف التدخل في الشأن الداخلي، لتستمر بخرق اتفاق حظر إرسال الأسلحة إلى هناك وعدم التدخل في الشؤون الداخلية. ويشير المرصد السوري إلى أن معظم الذين تطوعوا أو يرغبون في التطوع هم بالغالب "من المهجرين من وسط سوريا وريف دمشق إلى عفرين وإدلب، بالإضافة لأشخاص من الريف الحلبي، فالواقع المعيشي وترديه هو العامل الرئيسي لقبول هؤلاء بالذهاب إلى ليبيا في ظل المغريات التركية وخاصة المادية".