وقعت إيران، كما يتحدث خبراء الاقتصاد، في فخ يُعرف باسم (دوامة تخفيض التضخم)، خفض قيمة العملة الوطنية يسرع ارتفاع الأسعار، وقفزة التضخم تؤدي إلى جولة جديدة من تخفيض قيمة العملة، هكذا يرى خبراء الاقتصاد، ولا فكاك قريب لإيران من هذه الدوامة، ولا مخرج لها في ظل العقوبات الأمريكية المفروضة عليها، كان واضحًا تأثير العقوبات الاقتصادية التي اندلعت على إثرها هذه الانتفاضة وتفاقمت إلى الحد الذي سارعت فيه السلطات إلى إطلاق الرصاص الحي على المحتجين، ومقتل المئات، وجرح الآلاف من الشعب الإيراني. وما أعلنته السلطات الإيرانية من أنه تمت السيطرة على أغلب الاحتجاجات، وأن الأوضاع عادت إلى سابق عهدها، ليس صحيحًا، ذلك لأن مطالب المحتجين لم تنفذ، والصحيح هو أن الآلة العسكرية تصرفت بما لا يليق بحقوق الإنسان، ورغم تنديد المجتمع الدولي بالممارسات التعسفية للنظام، إلا أنه ظل في نهج سياسة الترهيب والتخويف ضد المحتجين بمختلف أعمارهم. لا يتورع النظام الإيراني عن قتل أي مناهض للسياسة أو أي محتج، ولعلنا نتذكر إعدامه الناشط (ارش رحماني) عام 2010 بعد إدانته بمحاربة الله، ومحاولة الإطاحة بالنظام الإسلامي، إذ يعتبر أن المحتج على السياسة الإيرانية محاربًا لله، وهم إذ يتبعون هذا السلوك، فإنهم يطبقون فتوى أصدرها المرشد الأعلى آنذاك (آية الله الخميني) أعلن فيها «بأن قتل (مجاهدي خلق) جائز شرعًا، لأنهم يحاربون الله، ولا يعتقدون بالإسلام وإنما يتظاهرون به»، الأمر الذي تم تطبيقه في حينه، حيث تم قتل 30 ألفًا من المعارضين السياسيين، استنادًا على تلك الفتوى دون محاكمة عادلة. ولا زال النظام الإيراني مشغولًا بالخارج الذي أولاه جل اهتمامه، وأنفق عليه مئات المليارات من الدولارات، وترك الداخل يئن تحت وطأة الحاجة، دفع بسخاء على حزب الله، وميليشيا الحوثي في اليمن، وعلى الحشد الشعبي في العراق، وقبض يده عن دعم دوائر التعليم والصحة والكهرباء، وخلق فرص عمل للشباب العاطل عن العمل. حينما فشل النظام في وقف الاحتجاجات التي شلت البلاد، عمد إلى تحويل الأنظار إلى قضية أخرى، إذ وجه قائد الحرس الثوري «حسين سلامي» تهديدًا مباشرًا إلى الولاياتالمتحدة وإسرائيل وبريطانيا والمملكة، وهي الدول التي يتهمها بأنها السبب في اندلاع الثورة الشعبية، هددها بالإبادة إذا ما تعدوا الخطوط الحمراء، وهو تهديد يدعو إلى السخرية، ولا يقبله عقل، ولعلنا نتذكر تهديد النظام الإيراني أوائل هذا العام لإسرائيل، حينما هددها بفتح أبواب جهنم إن هاجمت قواته في سوريا، وما حصل هو أن هاجمت إسرائيل بعد التهديد المواقع الإيرانية في سوريا ودمرت طائرة محملة بالسلاح في الأراضي اللبنانية، ولم تحرك إيران ساكنًا. أرأيتم سخفًا أكثر من هذا الذي يهدد فيه دولًا كبرى أقلها قدرة عسكرية قادرٌ على إبادته، وإلحاق الهزيمة به قبل أن يطلق صواريخه التي يتباهى بها؟!.