الخطاب السنوي لخادم الحرمين الشريفين (حفظه الله) والذي وجّهه يوم أمس في مستهل أعمال السنة الرابعة للدورة السابعة لمجلس الشورى كان خطاباً شاملاً تضمَّن التأكيد على الثوابت التي وضعها مؤسس هذا الكيان الملك عبدالعزيز (رحمه الله)، والمتمثلة في تطبيق شرع الله والوحدة والتضامن وإقامة العدل وجعل منهج الشورى أحد الدعائم الأساسية، والتي أقام عليها بنيان هذا الكيان الشامخ. لقد أكد الخطاب السنوي ثبات خارطة الطريق لسياسة المملكة الداخلية والخارجية وسعيها لمواكبة أهداف رؤية المملكة 2030، كما استعرض الخطاب الإنجازات التنموية الضخمة خلال العقود الماضية وفي مقدمتها القضاء على مظاهر التطرف بعد مواجهة وحصار الفكر المتطرف، كما شملت تلك الإنجازات العديد من المجالات الأخرى كالحفاظ على أمن واستقرار المملكة بالرغم من تعرّضها لاعتداءات ب286 صاروخاً بالستياً و289 طائرة مسيّرة إلا أن كل ذلك لم يُؤثِّر على مسيرتنا التنموية ولا على حياة المواطنين والمقيمين، والفضل بعد الله يعود إلى قواتنا المسلحة، والذين ضربوا أروع الأمثلة في التضحية والفداء من أجل العقيدة والوطن. أعطى الخطاب السنوي مزيداً من الطمأنينة والتفاؤل بشأن تقدُّم المملكة بخطى ثابتة في سبيل تحقيق استقرار مالي واقتصادي أكبر وتنمية مستدامة، مع المضي بخطى متقدمة لتنويع القاعدة الاقتصادية ومصادر الدخل، مع الإشارة إلى أن السياسة النفطية للمملكة تهدف إلى تحقيق أمن وموثوقية الإمدادات النفطية، وتشجيع الإيرادات غير النفطية، والتي ارتفعت بنحو 15%، في حين بلغ معدل النمو للناتج المحلي غير النفطي خلال الربع الثاني من هذا العام 3% مقارنة بمعدل نمو 2,5% في الربع الثاني من العام الماضي، كما أن طرح شركة أرامكو للاكتتاب سيُسهم في خلق آلاف الوظائف، ويجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية. تمكين المرأة وخلق المزيد من فرص العمل ودعم روّاد الأعمال وغيرها من القضايا التنموية الأخرى كانت حاضرة في ذلك الخطاب السنوي، والذي يأتي ليضع النقاط على الحروف، ويُؤكِّد عزم الدولة الراسخ على تحقيق أهدافها وتنويع قاعدة الاقتصاد واستثمار المتغيرات الاقتصادية لبناء مكتسبات وطنية جديدة يكون المواطن فيها اللاعب الأساسي والمستفيد الأول. أما على الصعيد الدولي، فقد جاء الخطاب مُؤكِّداً على موقف المملكة الثابت من القضية الفلسطينية ونصرة الشعب الفلسطيني، إضافة إلى نصرة الشعب اليمني متمنياً أن يفتح اتفاق الرياض الباب أمام الوصول إلى حل سياسي للأزمة اليمنية، مؤكداً أن المملكة لا تنشد الحرب مع النظام الإيراني لأن يدها دوماً ممتدة للسلام، ولكنها على أهبة الاستعداد للدفاع عن شعبها بكل حزمٍ ضد أي عدوان، آملاً أن يختار النظام الإيراني جانب الحكمة، ويتوقف عن فكره التوسعي والتخريبي. جاء الخطاب السنوي ليُؤكِّد الثوابت ويُعزِّز المنهج ويُوثِّق الإنجازات، ويبث روح التفاؤل، مُبشّراً بالمزيد من الإنجازات المستقبلية بإذن الله.