قد تكون الأماكن العامة مؤشراً لمدى حرص والتزام أفراد المجتمع بالنظافة، فمن يقوم بزيارة الشاطيء أو حديقة عامة أو حتى يسير في بعض الطرق فإنه يرى مدى احترام والتزام أفراد المجتمع ليس بالنظافة فقط بل وأيضاً بالذوق العام، فترى الجميع يحرص على أن يكون المكان الذي هو موجود فيه نظيفاً وأن يتركه نظيفاً كما وجده ، وليس المقصود هنا بأن يلتزم الفرد بالنظافة في الأماكن العامة هو أن يقوم بنظافة المكان بنفسه وأن يقوم بالتقاط المخلفات والنفايات إن وجدت ولكن المقصود هو أن لايقوم برمي شيء في الأماكن العامة والحدائق في مدينته ويكون ذلك سلوكاً حضارياً متأصلاً تماماً مثلما يفعل إذا سافر إلى الخارج. الالتزام بالنظافة أمر لن يأتي بين يوم وليلة بل يجب أن يتم تأسيسه منذ الصغر في سلوك أبنائنا بحيث نؤصِّل لديهم فعلاً بأن النظافة من الإيمان وأن من احترام المكان الحرص على نظافته، فنظافة الأماكن العامة تعكس مستوى رقي أفراد المجتمع وثقافته والتزامه، وبالرغم من الجهود الكبيرة التي تقوم بها البلديات في العديد من المدن وخصوصاً انتشار عمال التنظيف منذ الصباح الباكر إلا أنه ما إن تأتي ساعات المساء الأولى إلَّا وتجد بعض الأماكن العامة قد امتلأت بالنفايات والمخلفات، وليست القضية هي في زيادة العمالة أو آليات التنظيف بل المشكلة الأساسية تكمن في تغيير السلوك والعادات وذلك من خلال زيادة الوعي البيئي والاهتمام بالنظافة من خلال وسائل التوعية المختلفة وكذلك من خلال تفعيل نظام العقوبات وخصوصاً العقوبات المادية وتطبيقه بحزم من خلال مراقبين ميدانيين. كثير من أفراد المجتمع لايكترثون بنظافة الشوارع والأماكن العامة، ونرى كثيراً من أصحاب السيارات يلقون بالنفايات وخصوصاً السجائر والمناديل بل وأحياناً علب المشروبات الغازية أثناء قيادتهم والسبب أن أولئك لم يتعودوا بأن مثل هذا الفعل لا يعد مخالفاً للسلوك فقط بل يعد في بعض الدول جريمة يعاقب عليها فاعلها ويستحق غرامة على مثل ذلك الفعل.. وهذا ما قامت به الهيئة العامة للترفيه مؤخراً في موسم الرياض عندما فرضت غرامات مالية على الذين يقومون بإلقاء المخلفات في المناطق العامة للموسم . عندما تكون النظافة سلوكاً عاماً يسود جميع أفراد المجتمع فإننا سنجد جميع الأماكن من حولنا نظيفة وسيحرص كل فرد أن لا يلقي أي مخلفات في الأماكن العامة وسيحرص على نظافتها كما يحرص على نظافة منزله.