تجسد إلهان عمر لأنصارها الحلم الأمريكي، لكن دونالد ترامب وأنصاره أطلقوا سلسلة من التصريحات المثيرة للجدل بشأن هذه المرأة اللاجئة التي أصبحت عضوًا في الكونغرس معتبرين أنها متطرفة خطيرة. جاءت إلهان عمر المسلمة الصومالية المولد، إلى الولاياتالمتحدة عندما كانت طفلة، لكنها تمكنت من الصعود والفوز بمقعد في الكونغرس الأمريكي. وأصبحت النائبة الديموقراطية في قلب نقاش محتدم حول العنصرية والقيم الأمريكية بعد أن هتف أنصار ترامب في تجمع انتخابي حضره الرئيس "اعيدوها إلى بلادها". وإلهان هي من بين أربع أعضاء ديموقراطيات في الكونغرس تنتمين إلى أقليات عرقية استهدفها ترامب في الأيام الأخيرة. وردت إلهان عمر بقوة على ترامب ووصفته بأنه "عنصري" و"فاشي". بالنسبة لكثيرين قصة إلهان عمر أمريكية بامتياز: فهي مهاجرة قبلها جيرانها بكل ترحاب، واستقرت في مينيسوتا واستفادت من كل الفرص التي أتيحت لها لتصبح شخصية بارزة في السياسة الأمريكية. وهي أول أمريكية من أصول صومالية تدخل السياسة الأمريكية، وواحدة من امرأتين مسلمتين انتخبتا في الكونغرس لأول مرة في تاريخ الولاياتالمتحدة، في مؤشر على أن المسلمين أصبحوا يكتسبون قبولاً في المجتمع الأمريكي تدريجيًا. انتخبت إلهان عمر نائبًا في مجلس النواب في نوفمبر الماضي، وغيّر المجلس قواعده للسماح لها بارتداء الحجاب أثناء تواجدها في قاعة المجلس. ولكن آخرين يعتبرونها شخصية استفزازية وخلافية انتقدت سياسة الحكومة في بلادها سواء بالنسبة للشرق الأوسط أو الهجرة، ما أثار حنق ترامب ومؤيديه. وأحاط الجدل صعودها السياسي. ففي فبراير أثارت إلهان (37 عامًا) الغضب عندما قالت المال هو وراء دعم هذا العدد من السياسيين الأمريكيين لإسرائيل. وكتبت في تغريدة "الأمر كله يدور حول الدولارات". وكان تعليقها من بين العديد من التصريحات التي اعتبرها النقاد موجهة إلى اليهود، ما أدى إلى توبيخها من قبل قادة الحزبين الجمهوري والديموقراطي. واعتذرت إلهان وقالت انها "تستمع وتتعلم" من أقرانها. لكن في الشهر التالي أثارت الجدل مجددًا عندما انتشر فيديو يظهرها تستخدم عبارة "بعض الناس فعلوا شيئًا ما" في إشارة إلى هجمات 11 سبتمبر. وقال المدافعون عنها أنها اتهمت زورًا بالتقليل من شأن هذه الهجمات. إلا أن ترامب سارع إلى القول أنها تدعم الإرهابيين، وطالبها بالاستقالة. وارتفع عدد تهديدات القتل الموجهة إليها. وقالت عمر في أبريل "أقسمت على صيانة الدستور. أنا أمريكية مثل كل أمريكي آخر". ولدت إلهان في مقديشو وعندما كانت في الثامنة من عمرها فرت عائلتها من الحرب الأهلية في الصومال. وأمضت العائلة أربع سنوات في مخيم للاجئين في كينيا قبل أن تهاجر إلى الولاياتالمتحدة. وسرعان ما نما لديها ميل إلى دخول السياسة الأمريكية، وعملت مترجمة فورية لجدها في اجتماعات الأحزاب عندما كانت مراهقة. وبعد سنوات من النشاط في الحزب الديموقراطي، فازت بمقعد في برلمان مينيسوتا في 2016. وبعد ذلك بعامين تم انتخابها للكونغرس الأمريكي، وظهرت كصوت شاب قوي يطالب بالتغير التقدمي. ورغم جسمها النحيل تلمع شخصية إلهان في الكونغرس بفضل شخصيتها المليئة بالحيوية وملابسها الجريئة وحجابها المميز. وأثبتت أنها لا تخاف من تحدي المسؤولين الذين يتمتعون بسنوات من الخبرة تزيد بكثير عن سنواتها، كما فعلت في جلسة استماع حيث واجهت بقوة اليوت ابرامز، الممثل الخاص لترامب في فنزويلا الذي أدين بالكذب على الكونغرس في 1991. وهي واحدة من أربع نائبات ديموقراطيات يعرفن باسم "الفرقة" وهن جميعًا لسن من البيض، تجادلن مرارًا مع رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي، قبل أن يستهدفهن ترامب مؤخرًا. وكشفت النساء الأربع، المتحدثات الفصيحات الخبيرات بالإعلام، عن انقسامات بين الحرس القديم في الحزب بقيادة بيلوسي، وفصيل تقدمي يسعى إلى الحصول على مزيد من النفوذ. ولكن منذ اتهم ترامب هذه "الفرقة" بكراهية أمريكا ودعاها إلى "العودة إلى بلادها الأصلية"، سلطت الأضواء على إلهان. وخصها الرئيس بهجوم في تجمع في نورث كارولاينا، وقال أنها "أهانت" موظفين أمريكيين "وقللت من شأن" هجمات 11 سبتمبر. وعندما وصمها ترامب بمعاداة السامية، هتف الحشد "اعيدوها إلى بلادها، أعيدوها إلى بلادها". وسارعت إلهان إلى الرد على تويتر "أنا هنا حيث انتمي، في بيت الشعب.. عليك أن تتعامل مع الأمر".