أكّدت النيابة العامة الفدرالية الألمانية المكلفة الجرائم ذات الدوافع السياسية والدينية المتطرفة اليوم الإثنين توليها التحقيق في جريمة قتل سياسي ألماني داعم لاستقبال اللاجئين، بعد الاشتباه بدوافع سياسية وراء الجريمة التي لم تُكشف ملابساتها بعد. وأعلنت الشرطة السبت توقيف رجل يبلغ الخامسة والأربعين من العمر للاشتباه بتورطه في مقتل فالتر لوبكي رئيس إقليم كاسل (شمال شرق فرانكفورت) بالرصاص في مطلع يونيو، مع ورود تقارير إعلامية عن وجود صلات بين المشتبه به واليمين المتطرف. وقال متحدث باسم النيابة الفدرالية التي تتعامل مع الجرائم ذات الدوافع المرتبطة بالتشدد السياسي والديني "تولينا القضية". وكان فالتر لوبكي (65 عامًا) عضوًا في حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي، حزب المستشارة أنغيلا ميركل. وأعلنت السلطات السبت أنّ "الاعتقال جاء استنادًا إلى أدلة تم التوصل إليها عبر الحمض الريبي النووي، ومثل المشتبه به عصر الأحد أمام قاضي التحقيق في كاسل" في غرب البلاد، حيث قتل السياسي. ولم يشر البيان إلى دافع الجريمة، مؤكدًا أن السلطات ستصدر خلال الأيام القليلة المقبلة معلومات إضافية حول ما توصل إليه التحقيق. وذكرت صحيفة "سود دويتشه زيتونغ" اليومية أنّ المحققين الفدراليين استلموا التحقيقات بعد "ترسخ الاشتباه في خلفية متطرف يميني أو إرهابي يميني". وقال موقع "زت اونلاين" الإخباري إنّ المشتبه به يدعى "ستيفان اي." مشيرًا إلى أنه سبق وصدر بحقه حكم بالسجن في العام 1993 بسبب هجوم فاشل بقنبلة استهدف منزلا لطالبي اللجوء في بلدة هيسه. وطالبت ثلاثة أحزاب سياسية معارضة هي الخضر والديمقراطيون الأحرار ودي لينكي بعقد جلسة استماع خاصة في ما يمكن أن يكون أول جريمة قتل عمد لمسؤول منتخب في ألمانيا في منذ عقود. وعثر على فالتر لوبكي قتيلا في الثاني من يونيو على شرفة منزله في فولفغاغن في ضواحي كاسل (على بعد نحو 160 كلم شمال شرق فرانكفورت)، وتبين أنه قتل برصاصة أطلقت عليه عن قرب، حسب الشرطة. وبعد قرار ميركل في أكتوبر فتح الحدود أمام مئات آلاف السوريين والعراقيين، دافع لوبكي عن حقوق اللاجئين ما أثار غضب اليمين المتطرف. ودافع لوبكي بقوة في أكتوبر 2015، باسم القيم المسيحية، عن سياسة استقبال المهاجرين ودعا الألمان الذين لا يشاركون هذه "القيم" إلى "مغادرة البلد". وأثار اغتياله سيلا من التعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي بينها الكثير من التعليقات المؤيدة لقتله نشرها أشخاص من اليمين المتطرف. وهو ما ندّد به رئيس الجمهورية الفدرالية فرانك فالتر شتاينماير وسياسيين آخرين. كراهية عنصرية وذكرت مجلة دير شبيغل الأسبوعية، دون أن تسمي مصادرها، أنّ المشتبه به المحتجز حاليا لديه صلات واضحة في الماضي بتطرف اليمين المتطرف وصلات بالحزب النازي الجديد. وأوضحت المجلة أنّه جذب انتباه الشرطة بسبب تورطه بأعمال عنف وحيازة أسلحة وجرائم تعد على الممتلكات. وقالت إنّ المشتبه به حكم عليه بالسجن سبعة أشهر مع وقف التنفيذ قبل عشر سنوات بعد أن انضم لناشطين من اليمين المتطرف هاجموا مسيرة في مناسبة يوم العمال في مدينة دورتموند في غرب البلاد. وإذا ثبت وجود دوافع مرتبطة باليمين المتطرف في الجريمة، فإنها ستكون أول جريمة قتل سياسي لمسؤول منتخب في ألمانيا منذ عقود، وتعيد بالذاكرة إلى مقتل النائبة في حزب العمال البريطاني جو كوكس في العام 2016. وأصيب عدد من السياسيين الألمان بإصابات بالغة في اعتداءات من بينهم رئيس البرلمان فولفغانغ شويبله الذي يستخدم كرسيًّا متحركًا منذ نجاته من إطلاق نار في العام 1990 قام به مسلح مختل عقليًّا، ورئيسة بلدية كولونيا هنرييت ريكر التي نجت من اعتداء بسكين في العام 2015 نفّذه رجل غاضب من مواقفها المؤيدة للاجئين. وفي الفترة بين سبعينات وأوائل تسعينات القرن الماضي، ساد الرعب ألمانيا بسبب أعمال الجيش الأحمر اليساري المتطرف، الذي انبثق من حركة الاحتجاج المناهضة لحرب فيتنام ليشنّ سلسلة من عمليات إطلاق النار والتفجيرات وعمليات الاختطاف التي استهدفت السياسيين وعناصر الشرطة والمصرفيين وقادة الأعمال وعناصر القوات الامريكية. ودق النائب عن الديمقراطيين الأحرار بنيامين ستراسر وعدد من النواب ناقوس الخطر الإثنين، إذ قال للمجموعة الإعلامية "ار ان دي" إنّه "على مدار سنوات، تتزايد تهديدات اليمين المتطرف ضد السياسيين". وأكّد "نحن بحاجة إلى اتخاذ تدابير فعّالة ضد الكيانات اليمينية الإرهابية".