أقام النادي الأدبي الثقافي بمحافظة جدة ضمن فعاليات البرنامج الرمضاني الثقافي مساء أمس محاضرة بعنوان قراءة في كتاب الأمير خالد الفيصل (إن لم...فمن..!!؟) ألقاها الدكتور علي الخبتي. وكيل وزارة التربية والتعليم سابقًا والأستاذ بجامعة الأعمال والتكنولوجيا وأدار المحاضرة الدكتور عبدالرحمن بن رجاء الله السلمي. حيث استهل الخبتي الحديث قائلًا: قبل أن أبدأ في قراءة الكتاب أود أن أسجل هنا أن ما سأقوله هو قراءتي أنا للكتاب وليس بالضرورة ما قصده الكاتب.. أرجو أن يكون ذلك واضحًا. وقال قررت قراءته لسببين: الأول: لمكانة مؤلفه.. فمؤلفه فنان في الحكم.. أليس هو من قال: وهل الحكم إلا فن؟!.مؤلفه حكيم في الفن.. إلهام في الشعر..مؤلفه مجموعة إنسان.. بل هو موسوعة إنسان.. والسبب الثاني: لمكانة القضية التي يطرحها وعمقها.. كتاب عنوانه سؤال مستفز: إن لم... فمن..؟! يطرح قضية كبيرة..كتابٌ عبارة سيرة ذاتية في ثوب جديد.. جعله يقول»إنها ليست سيرة ذاتية». ولا مذكرات شخصية.. وقال الخبتي قسمت محاضرتي الليلة إلى قسمين: الأول: عن النظرية أستخدمه القراءة الكتاب.الثاني: قراءة للكتاب..بعدها تحدث الدكتور الخبتي عن حياة الأمير خالد الفيصل العملية والفنية والشعرية. وبين الخبتي قائلا: هذا دليلٌ يؤكده طرح هذاالكتاب في طريقة وأسلوب،وطريقة طرح الأمير خالد الفيصل، وفي هذاالكتاب إن لم... فمن..؟ يبدوالأمير خالد الفيصل مهمومًا بقضايا الأمة، وشباب الأمة، ومستقبل الأمة..وفي هذاالكتاب الذي نستعرضه اليوم اختار الأمير خالد الفيصل بعض التجارب ليس بهدف طرحها في حد ذاتها، ولكن بهدف إثارة أسئلةٍ تحفز الفكر، وتعمل العقل، وتستفز اليقظة.. أسئلةٌ بعضها يسميها علماء البلاغة الأسئلة الجدلية، تلك الأسئلة التي لا تتطلب إجابةً، لكنها تحدث التأثير الكبير في المتلقي للقضية التي يريد أن يطرحها المؤلف أو الكاتب.. إجابات هذه الأسئلة عادةً ما تكون واضحةً جدًًا، مثل تساؤل الأمير خالد الفيصل في العنوان الذي اختاره للكتاب: إن لم..فمن..؟!! نعرف تمامًا ماذا يقصد الأمير من طرح السؤال.. هو لا يهدف الحصول على إجابةٍ.. هو يكرس الإجابة من خلال هذا التساؤل، وهنا العمق في الطرح للإقناع بالقضية التي يثيرها بالسؤال الجدلي.. وهي-أي هذه الوسيلة- أكثر تأثيرًا من كتابة عدة صفحاتٍ يتم كتابتها للإقناع.. السؤال الجدلي الذي يطرح بهذه الصفة أولًا يحدث صعقةً في العقل تنبهه بشكلٍ عميقٍ للفكرة المطروحة، وتجعله يفكر فيها.. وهذا هو المقصود من طرح السؤال، وليس الحصول على إجابةٍ هي واضحةٌجدًا للسائل وللمتلقي.. الهدف الثاني من طرح مثل هذا السؤال هو توجيه القارئ بشكلٍ مقنعٍ وذكي إلى الوصول إلى الفكرة التي يريد طرحها، والاقتناع بها وتبنيها.. لم يقل لنا الأمير خالد: إن هذه هي فكرتي فاقتنعوا بها.. وإنما سدد إلى عقولنا سؤالًا جدليًا واضح الفكرة والقضية والمعنى.. والإجابة عنه تكون بما يريد الوصول إليه والإقناع به.. وهذا عمقٌ في الطرح، وبلاغةٌ في الأسلوب.. هذا ما يخص العنوان.. ويمضي خالد الفيصل في طرح الأسئلة التي قال لنا: إنه يتأسف أنه أمضى حياته وهو لم يتنبه إلى ثقافتها.. إلى ثقافة السؤال الذي كان من الممكن أن يوفر عليه الكثير من عناء البحث، وتعجل له النضج، وتعمق له التجربة: وأين كان السؤال في طفولتي؟ لقد خسرت بعدم السؤال أكثر بكثيرٍ مما خسر غيري بالجرأة على طرح السؤال. وقال الدكتور الخبتي ونتيجة لذلك أمطرنا في هذا الكتاب بالكثير من الأسئلة.. ليس هذا فحسب، بل نصح القارئ وقال: إنه نصح أبناءه، وكل القريبين منه أن يتبنوا ثقافة السؤال في البيت، والعمل، والمدرسة، والجامعة، وفي كل مكانٍ يوجدون فيه، والتي ستعجل لهم تجربتهم وتثريها وتعمقها.. ومضى الكتاب في طرح الأسئلة بأسلوب الشاعر المرهف العميق.. قضيته الإسلام والانتماء للوطن والإنجاز.. إنها أسئلة توجه العقل وتحثه على القيم والمثل والأخلاق والتطوير والنجاحات والمثابرة والاستمرار في عالمٍ لا يرحم الكسالى، والمقصرين، والخاملين.. يدعو للوصول إلى العوالم المتقدمة.. يؤمن بأننا نملك كل الأدوات التي يجب أن تضعنا في القمة.. وأننا إذا لم نصل للقمة سنكون مقصرين في استخدام أدواتنا التي تنبع من ديننا وعقيدتنا وثوابتنا.. وهذا الفكر نجده في كل طرحٍ يطرحه الأمير خالد الفيصل، ويتضح بجلاءٍ في هذا الكتاب. وقال الخبتي يمضي الأمير خالد الفيصل في كتابه في طرح التساؤلات، ويبدأ الفصل الأول بسؤالٍ آخر: لماذا؟ لماذا أكتب لتقرأني؟ إجابة (لماذا؟) استغرقت جميع الكتاب.. يقول إنه تردد في الكتابة عن تجربته إلا أنه أمام الإلحاح من القريبين منه استجاب.. هذه ليست إجابة لماذا؟ لماذا هنا استفزازيةٌ جدليةٌ لا تجد إجابةً عنها حتى تنهي الكتاب.. خلال الرحلة في طول الكتاب تجد لماذا؟ يستفزك بها، ويجادل بها من أجل طرح وشرح القضية التي يطرحها من خلال المواقف والأحداث في الطفولة والشباب والكهولة.