من أبرز ملامح الخطة الاستراتيجية الوطنية للسلامة المرورية، والتي سبق أن أعلن عنها قبل عدة سنوات، دورها في رسم سياسة وطنية للسلامة المرورية تُحدِّد الخطوط العريضة للتوجُّهات المستقبلية العامة لمنظومة السلامة المرورية في المملكة، بما يُحقِّق انخفاضاً كمياً ملموساً في معدلات الحوادث المرورية، وما ينتج عنها من وفيات وإصابات وآثار اجتماعية واقتصادية مباشرة أو غير مباشرة، كما اعتمدت تلك الخطة تطوير منظومة متكاملة وشاملة للتخطيط العمراني والنقل، وتبني ثلاثة احتمالات للانخفاض المتوقع في أعداد الحوادث المرورية بنسب 10%، 30%، 50% خلال عشر سنوات من بداية تنفيذ المشاريع المدرجة في الخطة. معدل الوفيات الناجمة عن الحوادث المرورية في المملكة هو من أعلى المعدلات إقليمياً وعالمياً، غير أن تلك الأرقام انخفضت نسبياً خلال العامين الماضيين 1438ه، 1439ه بنسبة 33% للوفيات ونسبة 21% للإصابات وذلك جراء الجهود المبذولة للحد من الحوادث المرورية والعمل المنسق بين القطاعات المعنية، إذ يعد ملف تعزيز السلامة المرورية أحد برامج «التحول الوطني 2020» ضمن رؤية المملكة 2030، وتعمل العديد من الجهات على بناء منظومة قوية للسلامة المرورية في المملكة، وذلك وفق أحدث التقنيات وأساليب الضبط والهندسة المرورية، وكذلك تضمين تلك المفاهيم في المقررات والأنشطة الدراسية. تختلف أسباب الحوادث المرورية، ولكن تأتي في مقدمتها السرعة الزائدة، وذلك بنسبة 25%، في حين تأتي المخالفات المرورية السبب الثاني لهذه الحوادث بنسبة تتجاوز ال20%، وقد نشر السناب الأمني لوزارة الداخلية بعض تفاصيل المهمات الميدانية لوحدة المرور السري في الرياض، حيث أظهرت مقاطع الفيديو ضبط متهوِّرين يسيرون بسرعاتٍ جنونية داخل طرق الرياض، منها ضبط قائد مركبة يسير بسرعة 200كلم/ الساعة، كما تم ضبط كمية من الممنوعات بحوزته. مثل هذا الإرهاب المروري، وهؤلاء الذين يستخدمون المركبات كآلات لقتل أنفسهم وقتل الآخرين وحصد أرواح الآلاف من الأبرياء سنوياً، يجب أن يتم ضبطهم والتعامل معهم بكل شدة، وفق الأنظمة والقوانين التي تساهم في الحد من تعريض الناس للمخاطر، بسبب وجود أمثال هؤلاء من المستهترين أو المهربين، أو غيرهم من الذين لا قيمة لحياة البشر بالنسبة لهم، ولعل تشديد العقوبات المرورية، والذي اعتمد مؤخراً، يساهم ليس فقط في المزيد من الانخفاض في عدد الحوادث المرورية، بل وفي الحد من هذه الفئة التي ترهب الناس في الطرقات، ولا تُراعي حرمة الطريق، وأنظمة المرور وقوانينه. جهود مشكورة أصبحنا نلمسها في الطرقات، ولابد من تشجيع تلك الجهود لتُواصل عملها بكل عزمٍ وحزم، لنصل إلى الأهداف المأمولة لخفض الحوادث المرورية، وبالتالي خفض أعداد الوفيات والمصابين منها.