لوحظ في الفترة الماضية العديد من القرارات الإيجابية الصادرة من وزارة العدل والمتزامنة مع الرؤية، وإذا تطرقنا إلى أحد تلك الإيجابيات وأهمها فهو قرار وزير العدل في «إلغاء الحكم بالشبهة» حيث يعد هذا القرار تطويراً قضائياً وجذرياً في ساحة التقاضي أمام القضاء الجزائي، وإذا تم مقارنته وإسقاطه على ما قاله ابن القيم في الطرق الحكمية ونصها «العقوبة لا تسوغ إلا عند تحقق السبب الموجب ولا تسوغ بالشبهة بل سقوطها بالشبهة أقرب إلى قواعد الشريعة من ثبوتها بالشبهة» حيث أنه مما لا شك به أن «الأصل في الإنسان هو براءة الذمة» وليس من الصواب الحكم بالشبهات لعدة أسباب معتبرة منها شرعية وأخرى قانونية، فإذا تطرقنا إلى أحد تلك الجوانب الشرعية وأهمها حديث رسولنا صلى الله عليه وسلم «ادرأوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم فإن وجدتم للمسلم مخرجاً فأخلوا سبيله، فإن الإمام يخطئ في العفو خير من أن يخطئ في العقوبة» مما يؤكد أن الأحكام لابد أن تكون مبنية ومسببة على بينة واضحة وصريحة وليس على مجرد الظن أو الشك، ومن جانب آخر القواعد التي تنص على أن الدليل إذا تطرق اليه الاحتمال بطل به الاستدلال، كما أن الأحكام تبنى على الجزم واليقين لا على الشك والتخمين ومن الجانب القانوني نجد أن ذلك يتوافق تماماً مع ما ورد بالمادة (3) من نظام الإجراءات الجزائية المتضمنة عدم جواز توقيع العقوبة على أي شخص إلا بعد ثبوت إدانته، مما يؤكد أن وسائل الإثبات في إحضار الأدلة لإدانة المتهم أمر لا خلاف في ضرورة وجوده كشرط قبل اسقاط وتوقيع العقوبة الجزائية، وإصدار مثل هذا القرار يعد توافقاً أيضاً مع مبادئ حقوق الإنسان المتعارف عليها دولياً، ومع المادة (26) من النظام الأساسي للحكم، مما سوف يترتب على هذا القرار إما إدانة المتهم بالتهمة المنسوبة إليه إن وجدت الأدلة الشرعية والقانونية أو براءته. معتز محمد مطر محام ومستشار قانوني